أسطورة أمر أبيه بذبحه
...
أسطورة أمر أبيه يذبحه:
قيل: إنَّ أوَّل شعر نظمهُ قولهُ:
أذود القوافِيَ عني ذيادا ... ذياد غلام جريء جودا1
فلمّا كثرن وعنينه ... تَخَيَّر منهن سِتًّا جيادا2
فأعزل مرجانها جانبًا ... وآخذ من درها المستجادا
فبلغ قوله إلى والده فغضب عليه لقوله الشعر، وكانت الملوك تأنف من ذلك. فأمر رجلًا يقال له ربيعة أن يذبحه، فحمله ربيعة حتى أتى به جبلًا فتركه فيه وأخذ عيني جؤذر[3]، فجاء بهما إلى أبيه. فآسف حجر لذلك وحزن عليه، فلمَّا رأى ذلك ربيعة قال: ما قتلته. قال: فجئني به. فرجع إليه فوجده يقول:
ولا تُسْلِمَنِّي يا ربيع لهذه ... وكنت أراني قبلَها، بك واثقًا
مُخَالِفَةٌ نَوى أسيرٍ بقريَةٍ ... قُرى عَرَبيّاتٍ يَشِمنَ البوارقا4
فإما ترَيني اليوم في رأس شاهق ... فقد أغتدي أقود أجرد تائقا5
وقد أذعر الوحش الرِّتاع بِغِرَّةٍ ... وقد أجتلي بيض الخدور الروائقا6
1 أي ادفع القوافي عني لتكاثرها علي، كما يدفع الغلام الجريء فرسًا.
2 عنينه: أتعبنه. [3] الجؤذر: ولد البقرة الوحشية.
4 يشمن، من شام البرق: نظر إليه. لعله يريد أن يقول إن وجوده في قرى العربيات اللواتي ينظرن إلى البوارق، أي بنات قومه هي خلاف وجوده أسيرًا في قرية، بعيدًا عن أهله.
5 تائقًا: أي تائقًا إلى الحرب، مسرعًا إليها.
6 أذعر: أخيف، الرتاع: الراتع، بغرة: بغفلة. تشرده:
فعاد امرؤ القيس إلى والده إلا أنه لم يكفّ عن قول الشعر، فطرده أبوه وأبى أن يقيم معه أنفة من قول الشعر، وقيل: بل طرده لَمَّا تغزل بفاطمة وكان لها عاشقًا، فكان يسير في أحياء العرب، ومعه أخلاط من شذَّاذهم من طيئ وكلب وبكر بن وائل، فإذا صادف غديرًا أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح لمن معه في كل يوم وخرج إلى