أسطورة زواجه:
أخبر محمد بن القاسم أن امرأ القيس آلى بأليّة ألا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية وأربعة واثنتين. فجعل يخطب النساء، فإذا سألهنَّ عن هذا قلن: أربعة عشر. فبينا هو يسير في جوف الليل، إذا هو برجل يحمل ابنة له صغيرة فأعجبته. فقال لها يا جارية: ما ثمانية وأربعة واثنتان؟
فقالت: أما ثمانية فأطباء الكلبة. وأما أربعة فأخلاف الناقة. واثنتان فثديا المرأة.
فخطبها إلى أبيها فزوَّجه إياها وشرطت هي عليه أن تسأله عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك وعلى أن يسوق إليها مائة من الإبل، وعشرة أعبد، وعشر وصائف، وثلاثة أفراس، ففعل ذلك.
ثم إنه بعث عبدًا له إلى المرأة وأهدى إليها نِحيًا[1] من سمن ونِحيًا من عسل وحلّة من عصب[2]، فنزل العبد ببعض المياه فنشر الحلة ولبسها فتعلقت بشعره فانشقت، وفتح النحيين فطعم أهل الماء منهما فنقصا، ثم قدم على حيّ المرأة، وهم خلوف[3]، فسألها عن أبيها وأمها وأخيها ودفع إليها هديتها فقالت له: أعلم مولاك: أنّ أبي ذهب يقرب بعيدًا ويبعد قريبًا، وأن أمي ذهبت تشق النفس نفسين، وأن أخي يراعي الشمس، وأن سماءكم انشقت، وأن وعائيكم نَضَبا.
فقدم الغلام على مولاه وأخبره. فقال: أمّا قولها إن أبي يقرب بعيدًا ويبعد قريبًا. فإن أباها ذهب يحالف قومًا على قومه، وأمّا قولها ذهبت أمي تشق النفس نفسين. فإنّ أمها ذهبت تقبل[4] امرأة نفساء، وأما قولها إن أخي يراعي الشمس، فإن [1] النحي: الظرف. [2] حلة: ثوب. العصب: نوع من برود اليمن. [3] خلوف: غائبون. [4] تقبل: تكون قابلة، أي: تأخذ الولد عند الولادة.
الصيد، فتصيد ثم عاد، فأكل وأكلوا معه وشرب الخمر وسقاهم وغنته قيانه، ولا يزال كذلك حتى ينفد ماء ذلك الغدير، ثم ينتقل عنه إلى غيره.