الفرج: موضع المخافة، والفرج ما بين قوائم الدواب، فما بين اليدين فرج، وما بين الرجلين فرج والجمع فروج، وقال ثعلب: إنّ المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء، كقوله تعالى: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ} [الحديد: 15] أي أولى بكم.
يقول: فغدت البقرة وهي تحسب أن كلا فرجيها مولى المخافة، أي موضعها وصاحبها، أن تحسب أن كل فرج من فرجيها هو الأولى بالمخافة منه، أي بأن يخاف منه، وتحرير المعنى: أنها لم تقف على أن صاحب الرِزّ خلفها أم أمامها، فغدت فزعة مذعورة لا تعرف منجاها من مهلكها، وقال الأصمعي: أراد بالمخافة الكلاب وبمولاها صاحبها، أي غدت وهي لا تعرف أن الكلاب والكلّاب خلفها أو أمامها فهي تظن كل جهة من الجهتين موضعًا للكلاب والكَلّاب، والضمير الذي هو اسم إن عائد إلى كلا، وهو مفرد اللفظ وإن كان يتضمن معنى التثنية، ويجوز حمل الكلام بعده على لفظه مرة وعلى معناه أخرى، والحمل على اللفظ أكثر، وتمثيلها، كلا أخويك سبني وكلا أخويك سبّاني؛ وقال الشاعر: [البسيط] :
كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي
حمل أقلعا معنى كلا وحمل رابيًا على لفظه، وقال الله عز وجل: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] حملًا على لفظ كلتا، ونظير كلا وكلتا في هذين الحكمين كلّ؛ لأنه مفرد اللفظ وإن كان معناه جمعًا، ويحمل الكلام بعده على لفظه ومعناه، وكلاهما كثير، قال الله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: 87] ؛ فهذا محمول على المعنى وقال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93] ، وهذا محمول على اللفظ. ومولى المخافة في محل الرفع؛ لأنه خبر أنّ، وخلفها وأمامها خبر مبتدأ محذوف تقديره هو خلفها وأمامها، ويكون تفسير كلا الفرجين، ويجوز أن يكون بدلًا من كلا الفرجين وتقديره، فغدت كلا الفرجين خلفها وأمامها تحسب أنه مولى المخافة.
49-
حَتّى إِذا يَئِسَ الرُماةُ وَأَرْسَلوا ... غُضْفًا دَواجِنَ قافِلًا أَعْصَامُها
الغضف من الكلاب: المسترخية الآذان، والغضف: استرخاء الأذن، يقال: كلب أغضف وكلبة غضفاء، وهو مستعمل في غير الكلاب استعماله فيها. الدَّواجن: