يقول: فبتلك الناقة إذ رقصت لوامع السراب بالضحى، أي تحركت ولبست الإكام[1] أردية من السراب؛ وتحرير المعنى: فبتلك الناقة التي أشبهت البقرة والأتان أقضى حوائجي في الهواجر، ورقص لوامع السراب ولبس الإكام أرديته كناية عن احتدام الهواجر.
54-
أَقْضِي اللُّبانَةَ لا أُفَرِّطُ ريبَةً ... أَو أَن يَلومَ بِحاجَةٍ لُوَّامُها
اللبانة: الحاجة. التفريط التضييع وتقدمة العجز. الريبة: التهمة، واللوَّام: مبالغة اللائم، واللوّام جمع اللائم.
يقول: بركوب هذه الناقة وإتعابها في حر الهواجر أقضي وطري، ولا أفرط في طلب بغيتي، ولا أدع ريبة إلا أن يلومني لائم، وتحرير المعنى: أنه لا يقصر ولكن لا يمكنه الاحتراز عن لوم اللوّام إياه، وأو في قوله: أو أن يلوم، بمعنى إلا، ومثله قولهم: لألزمه أو يعطيني حقي، أي إلا أن يعطيني حقي، وقال امرؤ القيس: [الطويل] :
فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكًا أو نموتَ فنعذرا
أي: إلا أن نموت
55-
أَوَلَم تَكُن تَدري نَوارُ بِأَنَّني ... وَصَّالُ عَقْدِ حَبائِلٍ جَذَّامُها
الحبائل: جمع الحبالة وهي مستعارة للعهد والمودة هنا. الجذم: القطع، والفعل جذم يجذم، والجذام مبالغة الجاذم. ثم رجع إلى التشبيب. بالعشيقة فقال: أو لم تكن تعلم نوار أنني وصال عقد العهود والمودات وقطّاعها، يريد أنه يصل من استحق الصلة ويقطع من استحق القطيعة.
56-
تَرّاكُ أَمكِنَةٍ إِذا لَم أَرضَها ... أَو يَعتَلِق بَعضَ النُفوسِ حِمامُها
يقول: إني ترّاك أماكن إذا لم أرضها إلا أن يرتبط نفسي حمامها فلا يمكنها البراح، وأراد ببعض النفوس هنا نفسه، هذا أوجه الأقوال وأحسنها، ومن جعل بعض [1] الإكام: جمع أكمة وهي التل.