عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره، ويسأله أن يزير أمه أمه، فأقبل عمرو من الجزيرة إلى الحيرة في جماعة بني تغلب، وأقبلت ليلى بنت مهلهل في ظعن من بني تغلب. وأمر عمرو بن هند برواقه، فضرب فيما بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته، فحضروا في وجوه بني تغلب. فدخل عمرو بن كلثوم على عمرو بن هند في رواقه[1]، ودخلت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق، وكانت هند عمة امرئ القيس بن حجر الشاعر، وكانت أم ليلى بنت مهلهل بنت أخي فاطمة بنت ربيعة التي هي أم امرئ القيس، وبينهما هذا النسب، وقد كان عمرو بن هند أمر أمه أن تنحي الخدم[2] إذا دعا بالطُّرَف[3]، وتستخدم ليلى. فدعا عمرو بمائدة، ثم دعا بالطرف فقالت هند: ناوليني يا ليلى ذلك الطبق. فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها. فأعادت عليها، وألحت، فصاحت ليلى: وأذلاه! يا لتغلب! فسمعها عمرو بن كلثوم، فثار الدم في وجهه، ونظر إليه عمرو بن هند، فعرف الشر في وجهه، فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيف لعمرو بن هند معلق بالراق ليس هناك سيف غيره، فضرب به رأس عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا ما في الرواق، وساقوا نجائبه، وساروا نحو الجزيرة[4].
وقد افتخر شعراء تغلب بقتل ابن كلثوم عمرَو بن هند، فقال الفرزدق يرد على جرير في هجائه الأخطل "من الكامل":
ما ضر تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة ... عمرًا، وهم قسطوا على النعمان5
وقال أفنون التغلبي مفتخرًا "من الطويل":
لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ... لتخدم ليلى أمه بموفق [1] الرواق: مقدمة البيت، وبيت كالفسطاط يحمل على عمود واحد طويل. [2] أي: أن تجعلهم في ناحية بعيدة عنها. [3] الطرف: الثمار النادرة. [4] الأغاني 11/ 47- 48.
5 ديوانه ص 4 ط3، 345، والأغاني 11/ 49. وقسطوا: جاروا.