61-
نُبِّئْتُ عَمْرًا غَيْرَ شَاكِرِ نِعْمَتِي ... والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لنَفسِ الْمُنْعِمِ
التنبئة والتنبيء: مثل الإنباء وهذه من سبعة أفعال تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، وهي: أُعلمتُ وأُريتُ وأُنبأتُ ونُبِّئْتُ وأُخبرتُ وخُبِّرْتُ وحُدِّثْتُ، وإنما تعددت الخمسة التي هي غير أعلمت وأريت إلى ثلاثة مفاعيل لتضمنها معنى أعلمت.
يقول: أعلمت أنَّ عمرًا لا يشكر نعمتي، وكفران النعمة ينفّر نفسَ المنعم عن الإنعام، فالتاء في نبئت هو المفعول الأول قد أقيم مقام الفاعل وأسند الفعل إليه، وعمرًا هو المفعول الثاني، وغير هو المفعول الثالث.
62-
وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمّي بالضّحَى ... إِذْ تَقْلِصُ الشّفتانِ عَنِ وَضَحِ الفَمِ
الوصاة والوصية شيء واحد. وضَحُ الفم: الأسنان. القُلوص: التشنج والقِصر. يقول: ولقد حفظت وصيّة عمي إياي فاقتحامي القتال ومناجزتي الأبطال في أشد أحوال الحرب، وهي حالة تقلص الشفاه عن الأسنان من شدة كلوح الأبطال والكماة[1] فرقًا من القتل.
63-
في حَوْمَةِ الْحَرِبِ التي لا تَشْتَكِي ... غَمَرَاتِها الأبطالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
حومة الحرب: معظمها وهي حيث تحوم الحرب أي تدور، وغمرات الحرب: شدائدها التي تغمر أصحابها، أي تغلب قلوبهم وعقولهم. التغمغم: صياح ولجب لا يفهم منه شيء.
يقول: ولقد حفظت وصية عمي في حومة الحرب التي لا تشكوها الأبطال إلا بجلبة وصياح.
64-
إِذْ يَتّقُونَ بِيَ الأَسِنّةَ لم أَخِمْ ... عَنْها وَلَكِنّي تَضَايَقَ مُقْدَمِي
الاتقاء: الحجر بين الشيئين، تقول: أتقيت العدو بترسي، أي جعلت الترس حاجزًا بيني وبين العدو. الْخَيْمُ: الْجُبن. الْمَقدم: موضع الإقدام، وقد يكون الإقدام في غير هذا الموضع. [1] الكماةُ: جمع كمي وهو الشجاع المقدام.