الأنبار، وهيت؛ فمدحه وذكر صهره ورحمه، وأنه قد تعلق بحباله، ولجأ إليه فأجاره عمرو ومكث عنده زمانًا. ثم بلغ المنذر مكانه عند، فطلبه وأنذره عمرو، فهرب إلى هانئ بن مسعود بن عامر أحد رؤساء بني شيبان. فاستجاره فلم يجره وقال له: أنا في دين الملك. فأتى سعد بن ضباب الإيادي سيد قومه، فأجاره وكان سعد من أنسبائه، فقال يمدح سعدًا، ويهجو ابن مسعود -وكان أفوه[1] شاخص الأسنان- بقصيدة مطلعها:
لعمرك ما قلبي إلى أهله بِحُرْ ... ولا مقصر يوما فيأتيني بِقُرْ
ثم تحوَّل عن سعد بن ضباب فوقع في أرض طيئ فنزل برجل من بني جديلة يقال له المعلَّى بن تيم من بني ثعلبة فأجاره من المنذر، فقال فيه أبياتًا مطلعها:
كأني إذ نزلت على المعلَّى ... نزلت على البواذخ من شَمَام
قالوا: فلبث عنده واتخذ إبلًا هناك، فإذا قوم من بني جديلة يقال لهم بنو زيد، فطردوا الإبل. وكانت لامرئ القيس رواحل مقيدة عند البيوت خوفًا من أن يدهمه أمر ليسبق عليهنَّ. فخرج حينئذ فنزل ببني نبهان من طيئ. فخرج نفر منهم فركبوا الرواحل ليطلبوا له الإبل فأخذتهنَّ جديلة فرجعوا إليه بلا شيء، فقال في ذلك قصيدة مطلعها:
دع عنك نهبًا صِيحَ في حَجَرَاتِهِ ... ولكن حديثًا ما حديثَ الرواحل
ففرَّقت عليه بنو نبهان فرقًا من معزى يحلبها، فقال أبياتًا مطلعها:
ألا إلَّا تَكُنْ إبلٌ فمِعْزىً ... كَأَنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُّ [1] الأفوه: الواسع الفم.
زواجه في بني طيئ:
وبينا كان امرؤ القيس عند بني طيئ، زوجوه منهم أم جندب، إلا أنه كان مفرَّكًا[2] وبقي عندهم ما شاء الله. [2] مفرَّكًا: مبغضًا، تبغضه النساء. قيل: كان ذلك لأنه أبخر، رائحة فمه كريهة جدًّا.