أسطورة الحلة المسمومة وموته:
ثم إنه طلب إليه أن يكتب له إلى الحارث بن أبي شمر الغساني بالشام، ليوصله إلى قيصر، ثم استودعه هندًا والأدرع والمال، وأقام معها يزيد بن الحارث بن معاوية ابن عمه، ومضى حتى انتهى إلى قيصر. فقبله وأكرمه وكانت له عنده منزلة، فاندسَّ رجل من بني أسد يقال له الطمّاح، وكان امرؤ القيس قتل أخًا له من بني أسد، حتى أتى بلاد الروم فأقام مستخفيًا. ثم إن قيصر منحه جيشًا كثيفًا وفيهم جماعة من أبناء الملوك. فلما فصلَ، قال لقيصر، قوم من أصحابه: إن العرب قوم غُدُر ولا نأمن أن يظفر هذا بما يريد ثم يغزوك بمن بعثت معه.
وقال ابن الكلبي: بل قال له الطمّاح: إن امرأ القيس غويٌّ فاجر. وإنه لَمّا انصرف عنك بالجيش ذكر أنه كان يراسل ابنتك، وهو قائل في ذلك أشعارًا يشهرها بها في العرب، فيفضحها ويفضحك. فبعث إليه حينئذ بحلةِ وَشْيٍ مسمومة منسوجة بالذهب وقال له: إني أرسلت إليك بحلتي التي كنت ألبسها تكرمة لك، فإذا وصلت إليك فالبسها باليمن والبركة، واكتب إليَّ بخبرك من منزلٍ منزل.
فلمّا وصلت إليه اشتدَّ سروره بها، ولبسها في يوم صائف، فتناثر لحمه، وتفطر جسده، وكان يحمله جابر بن حنين التغلبي، فلذلك سمي ذا القروح كما سمي بالملك
فقال له امرؤ القيس: وكيف لي به؟
قال: أُوصلكَ إلى من يوصلك إليه.
فصحبه إلى رجل من بني فَزارة يقال له الربيع بن ضبع الفزاري ممن يأتي السموأل، فيحمله ويعطيه.
ثم مضى القوم حتى قدموا على السموأل، فأنشده امرؤ القيس شعرًا وكان السموأل يحب الشعر فعرف له حقَّه، فأنزل هندًا ابنته في قبة أدَم، وأنزل القوم في مجلس له بَراح[1]، فكان عنده ما شاء الله. [1] براح: متسع.