يقول: كأن دماء أوائل الصيد والوحش على نحر هذا الفرس عصارة حناء خضب بها شيب مُسَرَّح، شبه الدم الجامد على نحره من دماء الصيد بما جف من عصارة الحناء عن شعر الأشيب، وأتى بالمرجَّل لإقامة القافية.
63-
فَعَنّ لنا سِرْبٌ كأنّ نِعاجَه ... عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
عنَّ أي: عرضَ وظهر. السرب: القطيع من الظباء أو النساء أو القطا أو المها أو البقر أو الخيل، والجمع الأسراب. النعاج: اسم لإناث الضأن وبقر الوحش وشاء الجبل، والواحدة نعجة، وجمع التصحيح نعجات، والمراد بالنعاج في هذا البيت إناث بقر الوحش، وبالسرب القطيع منها. العذراء: البكر التي لم تمس، والجمع عذارى. الدوار: حجر كان أهل الجاهلية ينصبونه ويطوفون حوله تشبيهًا بالطائفين حول الكعبة إذا نأوا عن الكعبة. الملاء: جمع ملاءة، وإنما تسمى ملاءة إذا كانت لِفْقَين[1]. المذيل: الذي أطيل ذيله وأرخي.
يقول: فعرض لنا وظهر قطيع من بقر الوحش كأن إناث ذلك القطيع نساء عَذارَى يطفن حول حجر منصوب يطاف حوله في ملاء طويل ذيولها، وشبه المها في بياض ألوانها بالعذارى لأنهن مصونات في الخدور لا يغير ألوانهن حر الشمس وغيره، وشبّه طول أذيالها وسبوغ شعرها بالملاء المذيل. وشبّه حسن مشيها بحسن تبختر العذارى في مشيهن.
64-
فأدْبَرْنَ كالْجِزْعِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَهُ ... بِجِيدٍ مُعَمٍّ في العَشيرَةِ مُخْوَلِ
الجزع: الخرز اليماني. الجيد: العنق، والجمع الأجياد، ورجل أجيد طويل العنق، وجمعه جود، الْمُعِمّ: الكريم الأعمام. الْمُخْوِل: الكريم الأخوال، وقد أعمَّ وأخوَل إذا كرم أعمامه وأخواله، وهذان من الشواذ؛ لأن القياس من أفعل فهو مُفعِل، وهما أفعل فهو مُفعَل.
يقول: فأدبرت النّعاج كالخرز اليماني الذي فصل بينه بغيره من الجواهر في عنق صبي كرم أعمامه وأخواله، وشبه بقر الوحش بالخرز اليماني؛ لأنه يسوَّدُ طرفه وسائره [1] اللّفق: الشقة من شقتي الثوب.