[ترجمة طرفة بن العبد
من هو طرفة1؟
لم يكن طرفة مجرّد شاب غرير قال الشعر، وهو يافع، وظل يقوله حتى عُلّق على خشب الصلب، ويد المنية تلتف حول عنقه.
كذلك لم يكن طرفة مجرد شاعر قتله الشعر في ريعان صباه وهو ابن العشرين ربيعًا.
إنما كان طرفة نموذجًا فريدًا لتجربة حياتية عميقة، غنية، صادقة التمثيل لما هو عليه إنسان الجاهلية الضائع بين متطلبات عيش كثيرة يقابلها شحّ في الموارد كبير، وبين حياة اجتماعية شديدة الحرية ظاهرًا، مكبلة عمليًّا بقيود العرف والعادات والتقاليد يصعب على نفس جياشة وقلب متوقد، الالتزام بها دون صدام، دون تمرد، دون كلمة احتجاج أو سخرية مُرَّة.
لقد اشتهر طرفة بمعلقته التي عدت ثاني معلقات الجاهلية أهمية ... وعُرف طرفة بالصورة التي أعطاها عن نفسه في هذه المعلقة، صورة المظلوم يعتب على ظالميه من أهله ويتألم من جفوتهم، في حين لا يريد لهم إلا الخير، ويقدم لهم شعره وسيفه يذودان عنهم ويطعنان في أعدائهم؛ وصورة الشاب المقبل على الحياة يعب منها وكأنه مع العمر في سباق، أو كأنه استشعر قصر العمر فأحب أن يستغل كل دقيقة
1 المزهر، ج: 2، ص: 275.
قد يكون لُقّب بذلك تشبيهًا له بالشجرة المعروفة: الطَّرفَةَ، وهي واحدة الطَّرفاء، من العضاه "الأشجار الشوكية"، هدبها مثل هدب الأثل وليس له خشب إنما يخرج عِصيًّا سمحة في السماء. "لسان العرب-[طرف] ج: 9 ص: 220".