ولقد علمت بأن قصرى حفرة ... غبراء يحملني إليها شرجع
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والأقربون إلى ثم تصدعوا
وتركت في غبراء يكره وردها ... تسفي على الريح حين أودع
فإذا مضيت إلى سبيلي فابعثوا ... رجلًا له قلب حديد أصمع
إن الحوادث يخترمن وإنما ... عمر الفتى في أهله مستودع
يسعى ويجمع جاهدًا مستهترا ... جدا وليس بآكل ما يجمع
حتى إذا وافَى الحمام لوقته ... ولكل جنب لا محالة مصرع
نبذوا إليه بالسلام فلم يجب ... أحدا وصم عن الدعاء الأسمع1
فهذه سهولة إسلامية، ومعانٍ تحمل ظلال الأفكار الإسلامية، شبيهة بحديثه عن العيش في أبيات لاميته. فنفس الروح الحكيمة جلية في الموضعين هذين، ولا يمكن أن يكون هو الذي يتحدث عن اللهو والشراب والطرب في الإسلام، وهو الذي يقول في نصيحة بنيه:
أوصيكم بتقى الإله فإنه ... يعطي الرغائب من يشاء ويمنع
وببر والدكم وطاعة أمره ... إن الأبر من البنين الأطوع2
وعدا تلك الأبيات التي تتحدث عن خولة ورحيلها إلى الكوفة، وحرب الفرس، وابتغاء فواضل الله لا نعرف لعبدة شعرًا في الفتح.
واشترك في الفتوح من الشعراء القدامى ربيعة بن مقروم الضبي[3]، من شعراء مضر المعدودين، وهو مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وعمر طويلًا في
1 المفضليات 301، 302.
2 المفضليات 297. [3] أخباره وشعره في الأغاني "ساسي" ج19/ 90، والخزانة ج3، ص564، والشعر والشعراء 1/ 279، والإصابة ج2/ 220، والمفضليات 268، 355، والحيوان ج1، ص347، 6/ 427، 7/ 263.