فلقد أرى حسن القناة قويمها ... كالنصل أخلصه جلاء الصيقل
أزمان إذ أنا والجديد إلى بلى ... تصبى الغواني ميعتى وتنقلي1
يدلف من ثم إلى الفخر بمهارته وبراعته في القتال، وشهوده الحرب، وطراد الخيل بفرس سليم أوظفة القوائم هيكل، سباق لأوابد الجياد، يجري منه الحميم، ويهوي بصاحبه هوى الصقر، وينتقل إلى الحديث عن جسارته هو، فهو مقدام، لا يكاد يسمع دعوة للنزال حتى يكون أول نازل، وهو جماع للمال، ودخال لأبنية الملوك، وهو لا يغالي في هذا القول، فشر ما قاله المرء ما لم يفعله، وهو أريب بارع يجيد خدع النزال، فقد يكون خصمه حنقًا، يغلي صدره بعدواته، فإذا به يحاوره ويداوره حتى يتبين منه غرة فيكويه على نواظره.. يقول:
ودعوا نزال فكنت أول نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل
ولقد جمعت المال من جمع امرئ ... ورفعت نفسي عن لئيم المأكل
ودخلت أبنية الملوك عليهم ... ولشر قول المرء ما لم يفعل
ولرب ذي حنق على كأنما ... تغلي عداوة صدره كالمرجل
أرجيته عني فأبصر قصده ... وكويته فوق النواظر من عل2
وتُروى هذه الأبيات الأخيرة مضافًا إليها أبيات أخرى في بعض الروايات، تقول:
ودخلت أبنية الملوك عليهم ... ولشر قول المرء ما لم يفعل
وشهدت معركة الفيول وحولها ... أبناء فارس بيضها كالاعبل
متسربلي حلق الحديد كأنهم ... جرب مقارفة عنية مهمل3
وهذه الأبيات هي التي يمكن أن تكون قد قيلت في الفتوح، ويبدو من إفرادها برواية مختلفة عن القصيدة لاختلاف مدلولاتها عن بقية القصيدة أن القصيدة جاهلية فيما
1 الخزانة ج3، ص565، 566، الأغاني ج91/ 93.
2 المرجع نفسه.
3 الحيوان ج7، ص263، المفضليات ص268.