غيرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، وأن الدار الباقية خير من الدار الفانية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] ، فإذا أصبحتم فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت على أوراقها، فيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها، تظفروا بالغُنْم والكرامة في دار الخلد والمقامة"[1]. فإذا ببنيها يباكرون مراكزهم إلى الجلاء، وهم يتغنون بهذه النصيحة شعرًا ملتهبًا بالإيمان، يكشف عن تمكن روح الجهاد في نفوسهم وفعله بهم، يقول أولهم:
يا إخوتي إن العجوز الناصحة ... قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
مقالة ذات بيان واضحة ... فباكروا الحرب الضروس الكالحة
وإنما تلقون عند الصائحة ... وأنتم بين حياة صالحة
أو ميتة تورث غُنْمًا رابحة
ويتقدم فيقتل، ويحمل الثاني وهو يرتجز:
إن العجوز ذات حزم وجلد ... والنظر الأوفق والرأي السدد
قد أمرتنا بالسداد والرشد ... نصيحة منها وبرا بالولد
فباكروا الحرب حماة في العدد ... إما لفوز بارد على الكبد
أو ميتة تورثكم عز الأبد ... في جنة الفردوس والعيش الرغد
ويقاتل حتى يستشهد، فيحمل الثالث وهو ينشد:
والله لا نعصي العجوز حرفا ... قد أمرتنا حربًا وعطفا
نصحًا وبرًا صادقًا ولطفا ... فبادروا الحرب الضروس زحفا
حتى تلقوا آل كسرى لفا ... أو يكشفوكم عن حماكم كشفا
إنا نرى التقصير منكم ضعفا ... والقتل فيكم نجدة وزلفى [1] الاستيعاب ج2، ص745.