وفي الحديث النبوي: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ) [1] .
قال أبو حاتم رحمه الله: الواجب على العاقل لزوم التواضع ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إلا أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة لكان الواجب عليه أن لا يتزيا بغيره, فالتواضع تواضعان أحدهما محمود, والآخر مذموم, والمحمود ترك التطاول على عباد الله, والازدراء بهم, والتواضع المذموم هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبةً في دنياه, فالعاقل يلزم مفارقة المذموم في الأحوال كلها, ولا يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها. (2)
فأفضل الناس من تواضع عن رفعه, وزهد عن قدره, وأنصف عن قوة, ولا يترك المرء التواضع إلا عن استحكام التكبر, ولا يتكبر على الناس أحد إلا بإعجابه بنفسه, وإعجاب المرء بنفسه أحد حساد عقله, وما رأيت أحداً تكبر على من دونه إلا ابتلاه الله بالذلة لمن فوقه, وقال أبو حاتم رضي الله عنه: ما استجلبت البغضة بمثل التكبر, ولا اكتسبت المحبة بمثل التواضع. (3)
وقيل: التواضع يكسب السلامة, ويورث الألفة, ويرفع الحقد, ويذهب الصد, وثمرة التواضع المحبة, كما أن ثمرة القناعة الراحة, وإن تواضع [1] - أخرجه مسلم في صحيحه باب استحباب العفو والتواضع حديث (2588) .
(2) - روضة العقلاء ص50.
(3) - روضة العقلاء ص52.
نام کتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال نویسنده : حسين بن محمد المهدي جلد : 1 صفحه : 417