رأيت الناس مزدحمين. فجئت فإذا أنا بمجنون يقال له شقران، وهو يقول الدنيا دار خراب وأخرب منها قلب من يعمرها. والآخرة دار عمران وأعمر منها قلب من يطلبها. وسمعته مرة أُخرى يقول الدنيا دار زوال وانتقال واضمحلال. والآخرة دار جلال وجمال وكمال. قال وسألته من الحكيم؟ فقال من لا يتعرض للعذاب الأليم. قلت وما العذاب الأليم؟ قال البعد عن الكريم.
هتاهية
قال محمد بن إبراهيم قال لي أبي كان عندنا مجنون يقال له هتاهية. يجن ستة أشهر ويفيق ستة أشهر، فيكون في إفاقته ساكناً، وإذا هاج أكثر الكلام وصعد إلى السطوح. ويقول يا نيام! انتبهوا من رفدة الغفلة، قبل انقطاع المهلة، واعملوا في إعداد العدة، قبل انقضاء المدة، واعلموا أن أحبالكم مقصوصة، وأعمالكم محفوظة، والموت يأتي بغتة.
بكار العريان
قال أبو يعقوب السوسي رأيت ببلد مجنوناً يقال له بكار العريان. على سوءته خرقة، وبيده قصبة على رأسها كالعلم، وهو يعدو ويقول:
كفى حزناً إني مقيم ببلدة ... أحباي عنها نازحوي بعيد
أقلب طرفي في البلاد ولا أرى ... وجوه أحبائي الذين أُريد
قال قلت ومن أحباؤك؟ فأخذ بيدي وأدخلني المقابر وأشار إليها، وقال هؤلاء.
شيبان المجنون
قال سالم خادم ذي النون بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان، إذ قال لي مكانك