لقيط المصري
قال ذون النون المصري مررت ذات يوم بلقيط المصري، وهو يخط على الأرض باصبعه، فتأملت فإذا هو قد كتب:
فلّ حياء الناس من ربهم ... وكلهم يظهر تقواه
ليس ينال المرء من دينه ... ما نال في عاجل دنياه
يخاف أن يمقته أهله ... ولا يبالي مقت مولاه
وعابد الله يرى برّه ... في كل ما سرّ وما ساه
همته في كل أسبابه ... رضوان ذي العزة مولاه
ميمون الواسطي
قال المسيب بن شريك بلغني ان ميمون الواسطي المجنون أُدخل على الحجاج ابن يوسف وكان ميمون بليغاً عابداً فقال له الحجاج: أتجنن أهل مثل هذا الكلام وتسمى مجنوناً؟ فقال يا حجاج! إن أهل البطالة إذا نظروا لأهل المحبة سموهم مجانين وقد سبق القول منهم، لو رأيتموهم لقلتم مجانين، ولو رأوكم لقالوا: لا تضمنون بيوم الحساب، وأنت يا حجاج! لو كنت تؤمن بالله واليوم الآخر بكلية قلبك، لشغلك عن أكل الطيب، ولبس اللين، ولكنه استقذرك، فطردك، ولو أرادك لاستعملك. إن الله عباداً مطهرين مطيعين، بالعبادة مشتغلين، وهم ثلاثة أصناف: فقوماً عبدوه شوقاً إليه، فقلوبهم لا تشتغل بغيره، لأن قلوبهم قد ألفت، وسقاهم ربهم بكأس الوداد شربةً فقاموا شوقاً، فلا تحط رحالهم إلا في قرب الله. فهم خاصته في أرضه. وقوماً عبدوه خوفاً من النار، لما سمعوا قوله تعالى: " قووا أنفسكم وأهليكم ناراً " فحذروا وبادروا واجتهدوا