مجنون من بني سعد
قال الأصمعي: بينما أنا قاعد عند محمد بن سليمان الهاشمي والي البصرة إذ دخل عليه رجل فقال أصلح الله الأمير إن بالمربد
أعرابياً مجنوناً من بني سعد لا يتكلم إلا بالشعر، فقال علي به، فأُتي به، فلما نظر الأعرابي إليه أنشأ يقول:
حياك ربّ الناس من أمير ... يا فاضل الأصل عظيم الخير
فقال محمد: وأنت فحياك الله يا أخا بني سعد، فقال الأعرابي:
إني أتاني الفارس الجلواز ... والقلب قد طار به اهتزاز
فقال الأمير إنما بعثنا إليك لنشتري ناقتك، فقال الأعرابي:
ما قال شيئاً في شراء الناقة ... وقد أتى بالجهل والحماقة
قال الأمير وما الذي أتى؟ فقال:
قد شق سربالي وشق بردتي ... وكان زيني في الملا ومجدتي
فقال الأمير إذاً نخلع عليك، فقال الأعرابي:
نعّمك الله وأرخى بالك ... وأكثر الله لنا أمثالك
فقال الأمير بكم اشتريتها؟ فقال:
شراؤها عشر ببطن مكة ... من الدنانير القيام السكة
ولن أبيع الدهر أو أزاد ... إني لربح في الشرا معتاد
قال الأمير فبكم آخذها؟ فقال:
خذها بعشرٍ وبخمسٍ وازنه ... فإنها ناقة صدق مازنة