في الجنة. قال فكنت أطلبها حتى وجدت أثرها بحمص. فطلبتها فقيل إنها
مجنونة لا تألف أحداً. قلت فأين هي؟ قيل دفعنا إليها أغناماً ترعاها في الجبانة. فخرجت إلى الجبانة فإذا هي قائمة تصلي، والشاة والذئب في مكان واحد فوقفت متعجباً، فلما قضت الصلاة قالت يا إبراهيم! الموعد في الجنة لا هنا. فعجبت من فطنتها فقلت يا سبحان الله! ألست مؤتمنة على هذه الأغنام؟ قالت بلى. قلت فلم عطلتيها حتى توسطتها الذئاب؟ قالت سلمتها إلى منشئها. ثم قالت: ارتفعت الحشمة بيني وبين من أنا قائمة بين يديه. فهو الذي رفع الوحشة بين الشاة والذئاب ثم ولت وأنشأت تقول:
قلوب العارفين لها عيون ... ترى ما لا يراه الناظرونا
والسنة بسرّ قد تناجي ... تغيب عن الكرام الكاتبينا
وأجنحة تطير بغير ريش ... إلى ملكوت رب العالمينا
فتسقيها أشراب الصدق صرفاً ... وتشرب من كؤوس العارفينا
بجة
قال إسماعيل بن سملة بن كهل: كانت لي أخت أسن مني فذهب عقلها فكانت في غرفة في أقصى السطح. فمكثت بضع عشرة سنة وكانت مع ذلك تحرص على الطهور والصلاة وتتفقد الأوقات، وربما إذا غلبت على عقلها أياماً فتحفظ ذلك حتى تقضيه. فبينما أنا ذات ليلة إذا بباب بيتي يدق نصف الليل، فقلت من هذا؟ قالت بجة. فقلت أُختي، قالت أُختك. قلت لبيك وقمت وفتحت الباب فدخلت ولا عهد لها بالبيت من أكثر من عشرين سنة، فقلت لها يا أُختاه خير. فقالت رأيت الليلة في منامي فقيل لي السلام عليك يا بجة فرددت فقيل لي إن الله قد غفر لجدك وحفظك بأبيك إسماعيل فإن شئت دعوت الله فأذهب ما بك، وإن شئت صبرت ولك الجنة. فإن أبا بكر وعمر قد شفعا لك إلى الله بحبك أبيك وجدك وحبكم إياهما. قالت فقلت إن كان لا بد من اختيار