قلت وأنا وأنت في القرى؟، وكان قد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بدعوات خفيات ثم قال هذه وصيتي: عليك يا ابن حيان بكتاب الله وبقايا الصالحين من المسلمين نعيت لك نفسي ونفسك فعليك بذكر الله وذكر الموت فلا يفارقان قلبك طرفة عين ما بقيت، وانصح لأهل ملتك جميعاً، وإياك وأن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم فتدخل النار، ثم قال: إلهي إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك، واللهم عرفني وجهه في الجنة واحفظه في الدنيا حيث ما كان وارضه من الدنيا باليسير وما أعطيته من الدنيا فيسره له واجعله بما تعطيه من نعمتك من الشاكرين واجزه عني خير الجزاء، أستودعك الله يا هزم بن حيان والسلام عليك ورحمة الله لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة وأحب الوحدة ولا تطلبني واعلم انك مني على بال وإن لم أرك ولم ترني فاذكرني وادع لي فإني سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى. وفارقني يبكي وأبكي، فجعلت انظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت من يخبرني خبره.
الربيع بن خيثم قال: أتيت أويس القرني فوجدته جالساً قد صلى الفجر فقلت لا اشغله عن التسبيح، فمكث مكانه، ثم قام إلى الصلاة حتى صلى الظهر، ثم قام إلى الصلاة حتى صلى العصر، ثم هكذا حتى صلى المغرب، فقلت في نفسي لا بد من أن يرجع ليفطر، فثبت مكانه حتى صلى العشاء الأخيرة، فقلت لعله يفطر بعد العشاء، فثبت مكانه حتى صلى الفجر ثم جلس فغلبته عيناه فانتبه وقال: اللهم إني أعوذ بك من عين نوامة ومن بطن لا يشبع، فقلت حسبي ما عاينت ورجعت.
قتادة عن الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر، أما اسمي لكم ذلك الرجل؟ قالوا بلى يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: ذلك أويس القرني، ثم قال يا عمر إن أدركته فاقرئه مني السلام وقل له حتى يدعو لك واعلم إنه كان به وضح فدعا الله تعالى فرفع عنه ثم دعا الله فرد عليه بعضه. فلما كان في خلافة عمر رضي الله عنه وهو بالموسم قال ليجلس كل رجل منكم إلا من كان من قرن فجلسوا إلا رجلاً فدعاه وقال له تعرف فيكم رجلاً اسمه أويس فقال وما تريد منه فإنه رجل