وكيف أرى عيباً وعيبي ظاهر ... وما يعرف السوءآت غير سفيه
قال عبد الله بن سويدك رأيت سعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بها على جدار قصر خراب:
يا خاطب الدنيا إلى نفسه ... إن لها في كل يوم خليل
ما أقبح الدنيا لخطابها ... تقتلهم عمداً قتيلاً قتيل
تستنكح البعل وقد وطنت ... في موضع آخر منه البديل
أنعم في عيشي وأيدي البلا ... تعمل في نفسي قليلاً قليل
تزودوا للموت زاداً فقد ... نادى مناديه الرحيل الرحيل
قال خالد بن منصور القشيري قدم علينا سعدون المجنون فسمعته ليلة من الليالي يقول في دعائه: لك خشعت قلوب العارفين وإليك طمحت آمال الراجحين، ثم أنشأ يقول:
وكن لربك ذا حب لتخدمه ... إن المحبين للأحباب خدام
قال إسماعيل بن عطاء العطار: مررت بسعدون فلم أسلم عليه، فنظر إلي ثم قال:
يا ذا الذي ترك السلام تعمداً ... ليس السلام بضائر من سلما
إن السلام تحية مبرورة ... ليست تحمل قائلاً أن يأثما
قال ثابت بن عبد الله أنشدني سعدون المجنون أبياتاً في الوصف:
تفهم يا أخي وصف الملاح ... وقد ركبوا النجائب في الوشاح
من الحور الحسان منعمات ... تفوق وجوهها ضوء الصباح
يراهن المهيمن من عبير ... وشرفهن حقاً بالفلاح
وصدغ فوق سالفة بمسك ... كمشق النون في رق مباح
إذا خطرت تحير كل حسن ... وإن مرحت أهل للمراح
تقول إذا أتت نحو العذارى ... ألا يا خود هل حبي بصاح