قال عطاء: مر بي يوماً في أزقة البصرة فقلت له كيف أصبحت؟ قال
أصبحت لا أعرف ما صباحي ... من الهموم لا ولا رواحي
أفرط في جرمي وفي اجتراحي ... فصرت كالبازي بلا حناح
همام
قال قاضي أرجان كان أبو همام يقول بلاعتزال وكان همام ولده يقول بقوله. فغلب على عقله فتاه، فقيد وشدت يده إلى عنقه. قال: فدخلت عليه فجلست بعيداً خوفاً منه. وقلت له: يا همام! كيف تجدك؟ فقال لي أسكت يا قدري، فقلت له يا سبحان الله! ما هذا الجواب؟ أليست مقالتنا ومقالتك واحدة؟ قال: لا ولا كرامة لك يا ابن الفاعلة. إني نظرت في مقالتك ومقالة عمك الضال المفتون فوجدتكما كافرين بالله تعالى فقلت: كيف؟ قال انكما تزعمان أن الله سبحانه جعل فيكما استطاعة، تغلبان بها؛ استطاعة الله تعالى، وأنت يا ابن الفاعلة تزعم أن الله سبحانه وتعالى لم يقض عليك الزنا، وأنت قضيته على نفسك، فتبارك الله في حكمه، وزعمت أن الله لو قال لك افعل، فلعنك الله ولعن عمك. قلت: فأي قول أخذت لنفسك؟ قال رددت الأمر إلى مدبرها وخالقها. وعلمت أن خيرها وشرها ونفعها وضرها منه. قلت ليتك مت قبل هذا الوقت، فقال لي: يا ابن الفاعلة الله سبحانه أرحم بي أمهلني إلى هذا الوقت الذي عرفت فيه رشدي.
قال شعيب بن مخلد الدهان: دخلت عليه يوماً فقلت له يا همام! ما هذا الذي يبلغنا عنك؟ قال وما يبلغكم عني؟ قلت بلغنا أنك انتقلت من القول بالعدل إلى القول بالجور، قال همام يا ابن الفاعلة! لو كنت تقول بالعدل لرددت الأمور إلى مدبرها وخالقها وبعد فأنت تقول بالعدل وتغشى الاثم، فرماه بحجر، فلم يزل يعرج منها. قال واجتمعت به يوماً فقلت له: يا همام! أي شيء تأمر في ميراثك لأبيك؟ فنظر إلي مغضباً وقال: أيتوارث أهل ملتين مختلفتين؟ قلت له أو نحن ملتان مختلفتان؟ قال نعم: أنتم تزعمون أن الله قضى الخير، ولم يقض الشر، وأنا