responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيار الشعر نویسنده : ابن طباطبا العلوي    جلد : 1  صفحه : 13
والمِحْنَةُ على شُعَراءِ زَمَانِنَا فِي أشْعارهم أشَدُّ مِنْهَا على من كانَ قبلَهُمْ؛ لأنَّهم قد سُبِقوا إِلَى كلِّ مَعْنَى بَديعٍ، ولَفْظٍ فَصِيحٍ، وحيلةٍ لَطيفةٍ، وخَلابَةٍ ساحِرةٍ. فَإِن أَتَوْا بِمَا يَقْصُر عَن مَعَاني أُولَئِكَ وَلَا يُرْبي عَلَيْهَا لم يُتَلَقَّ بالقَبُول، وَكَانَ كالمُطَّرَحِ المَمْلُولِ.
ومَعَ هَذَا، فإنَّ مَنْ كانَ قَبْلنا فِي الجاهِليَّة الجَهْلاءِ وَفِي صَدْر الإسلامِ من الشُّعَراء كَانُوا يؤسِّسُون أشعَارَهُمْ فِي المَعَاني الَّتِي رَكَّبُوها عَلَى القَصْد للصِّدْق فِيهَا مَدِيحاً وهِجَاءً، وافتخَاراً ووَصفْاً، وتَرْغيباً وتَرْهيباً إلاّ مَا قد احْتُمِل الكَذبُ فِيهِ فِي حُكْم الشِّعْر من الإغراقِ فِي الوَصْف، والإفراط فِي التَّشْبيه. وَكَانَ مجرَى مَا يُورِدونه مِنْهُ مجْرى القَصص الحَقِّ، والمخاطبات بالصِّدْق فَيُحابُون بِمَا يُثَابون، أَو يُثَابون بِمَا يُحَابون.
والشُّعَراءُ فِي عَصْرِنا إنَّما يُثَابونَ على مَا يُسْتَحْسَنُ من لَطِيفِ مَا يُورِدُونَهُ من أشْعَارهم، وبديع مَا يُغْربونَهُ من معانيهم، وبَليغِ مَا يَنْظِمونَهُ من ألفاظهم، ومُضْحِكِ مَا يوردونَهُ من نوادرهم، وأنيقِ مَا يَنْسِجُونَهُ من وَشْي قَوْلهم دون حَقَائِق مَا يَشْتمِلُ عَلَيْهِ من المَدْحِ والهَجاءِ وسَائرِ الفُنُون الَّتِي يُصَرِّفون القَوْلَ فِيهَا.
فَإِذا كَانَ المديح ناقِصاً عَن الصِّفة الَّتِي ذكرنَاها كانَ سَببا لحرمَانِ قائلهِ والمُتَوسِّل بِهِ.
وإِذا كَانَ الهجاءُ كَذَلِك أَيْضا كانَ سبَبَاً لاستهانة المَهْجُوِّ بِهِ، وأمْنِهِ من سَيْرهِ، وَرِوَايَة النَّاس لَهُ، وإذاعَتِهم إيَّاهُ، وتَفَكٌّ هِهِمْ، بنوادره؛ لَا سِيَّما وأشْعَارُهُمْ مُتَكَلّفَةٌ غيرُ صَادِرةٍ عَن طَبْعٍ صَحِيح

نام کتاب : عيار الشعر نویسنده : ابن طباطبا العلوي    جلد : 1  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست