نام کتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين نویسنده : عبد العزيز شرف جلد : 1 صفحه : 149
لعبت بهم تلك الآلهة العمياء التي تسمى المصادفة، فأعطت بغير حساب وحرمت بغير حساب"[1].
ثم يطابق هذه الصورة بما عاين بنفسه:
"وقد بلغنا قهوة من قهوات "آثينا" فنقبل عليها مكدودين، ويتلقانا خادمها باسم الثغر مشرق الوجه يعرض علينا ما عنده في يونانية فصيحة، فإذا لم نفهم عنه عرض علينا ما عنده في فرنسية متعثرة، وإذا هو يعرض علينا غير ما تعرض القهوات على الناس في بلاد الترف والرخاء, وما نكاد نجلس إلى قهوتنا ونقبل على قليل من طعام حتى ننظر فإذا المعوزون والمعدمون يساقطون علينا من كل وجه ويأخذوننا من كل نحو، كلهم جائع يريد أن يُطْعَم، وكلهم محروم يريد أن يُعْطَى، وكلهم قد ظهر في وجهه البؤس وألحَّ عليه الضرر"[2].
ومن هنا يقترب المقال الوصفي من التقرير الصحفي، ويستخدم الوصف الصحفي استخدام فنان مصور لما يدركه بالوصف الحسي، الذي يمزجه في أحيان كثيرة ببعض خواطره التي تختفي في ثياب العرض الاستقصائي الذي اتسم به أسلوب طه حسين، وقد أتاحت له هذه الميزة أن يلتقط بعض الصور الطريفة التي تختفي في ثياب العرض الاستقائي الذي اتسم به أسلوب طه حسين، وقد أتاحت له هذه الميزة أن يلتقط بعض الصور الطريفة التي يغذي بها مقاله، واتسم عرضه بالطرافة. ومن ذلك، ما يشير إلى مغزى هذه الصور الطريفة كذلك:
"وقد فاجأتنا في هذه المدينة, بل فاجأتنا قبل أن نهبط من السفينة ظاهرةٌ كنا نسمع عنها ولا نحققها، فالدرهم اليوناني قد أصبح وهمًا من الأوهام، ولا يكاد عقل يحقق منه صورة واضحة, ويكفي أن تعلم أن المليم المصري يعدل ثمانية وعشرين درهمًا يونانيًّا، وأن القرش المصري يعدل ثمانين ومائتي درهم يوناني، وأن الجنيه المصري يعدل ثمانية وعشرين ألف درهم يوناني، وإننا لم نقم عن قوتنا حتى طلب إلينا الخادم سبعة عشر ألف درهم ولم ننزل من سيارتنا حتى طلب إلينا السائق سبعين ألف درهم، واشترينا صحيفة ضئيلة نحيلة تصدر بالفرنسية فدفعنا ثمنها خمسمائة درهم، وعدنا إلى أماكننا من السفينة وقد أنفقنا في صباحنا بين هذه الألوف المؤلفة أقل من ثلاثة جنيهات"[3]. [1] المرجع نفسه ص14، 15. [2] المرجع نفسه ص14، 15. [3] المرجع نفسه ص16.
نام کتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين نویسنده : عبد العزيز شرف جلد : 1 صفحه : 149