responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين نویسنده : عبد العزيز شرف    جلد : 1  صفحه : 160
قد "يضيق بها الكُتَّاب والقرَّاء في تلك الأيام"[1]، ولكنها تنتهي إلى غايتها حين يتمُّ توصيل الرمز بعد نشر المقالات الأولى منها, إلى أذهان الجماهير التي "تذهب فيه المذاهب، ويلتمس الناس له ألوان التأويل، ويتخذون منه ثوبًا يفصِّلُونه على قدر هذا أو ذاك من الذين ينهضون بالأعمال العامة، أو يشاركون فيها"[2]، ثم يمضي في إذاعة مقالاته الرمزية: "ويمضي الناس في التساؤل, ثم لا يقف الأمر عند التساؤل والإلحاح فيه، وإنما يختلف الناس فيما بينهم, ويغلون في الاختلاف، ويريد بعضهم أن يحتكم إليّ، ويجد عندي حلًّا لهذه الرموز، وتوضيحًا لهذه الألغاز, ويتصل بعضهم بي يسألني أن أريحه من هذا كله؛ فيكتب إليّ الرسائل ينبئني فيها بما يعلم من حياة فلان وفلان, ومن خِصَال فلان وفلان، ومما يُظْهِرُ فلان للناس ويُخْفِي عليهم، ويطلب إليَّ أن أصوِّرَ هذا في حديث من هذه الأحاديث التي تنشر في "البلاغ"[3].
ثم يلاحظ أن الأمر ليس مقصورًا على مقالاته التي يذيعها، ولكنه يتجاوزه ويتجاوز مقالاته إلى قوم آخرين, ومقالات أخرى تنشر في الصحف اليومية والأسبوعية, وإلى قوم آخرين وأحاديث أخرى تجرى على ألسنتهم حين يلقى بهضهم بعضًا "فقد كتب فلان هذه الأسطر في هذه الصحيفة أو تلك, وهو قد أراد بها إلى هذا الغرض أو ذاك، وأراد بها أن يمسَّ فلانًا من قريبٍ أو بعيدٍ، ولمح بها إلى موقف فلان في السياسة، أو موقف فلان في الإدارة، أو موقف فلان في البيع والشراء, حتى استيقن الناس جميعًا أنهم لا يتبادلون الحديث بينهم إلا رمزًا، وأن الصراحة والوضوح والجلاء كلُّ هذه أمور قد بَعُدَ العهد بها حتى نُسِيَت أو كادت تُنْسَى"4.
على أن هذا اللجوء الاضطراري إلى الرمز، لم ينفصل عن أحوال الناس في حياتهم اليومية العادية، وإنما أصبح وسيلة يتوسَّل بها إلى النقد والتوجيه والإصلاح، في ظروفٍ لم تسمح بالصراحة في التعبير، وفي مقدمتها الأحكام العرفية التي اقتضتها الحرب العالمية الثانية، واستتبعت مراقبة الصحف5، وألقت في روع الناس جميعًا أن أمورهم لا تجري على ما تعودت أن تجري عليه قبل أن تُعْلَنَ الأحكام العرفية، وقبل أن تُفْرَضَ الرقابة على الألسنة والأقلام6، ولكن هذه الظروف التي استغلَّها السلطان في مصر، في أثنائها، وبعد انتهائها, وأدت إلى أن يفرض المصريون فيما بينهم وبين أنفسهم أن الرقابة قد

[1] المرجع نفسه، ص79.
[2] المرجع نفسه ص79، 80.
[3] المرجع السابق ص79، 80.
4، 5، 6 المرجع نفسه ص80، 81.
نام کتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين نویسنده : عبد العزيز شرف    جلد : 1  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست