نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 117
ولكن كثيرًا من أدباء لبنان في القرن التاسع عشر قد آثروا الهجرة إلى مصر، لاضهاد تركيا المسلمة لهم، ولضيق المجال أمام تفوقهم في بلادهم، ومن أشهر مَنْ وفد على مصر من هؤلاء الأدباء, غير من ذكرنا سابقًا من الصحفيين: جورج زيدان، وطانيوس عبده، وأديب إسحاق، وسركيس، ويعقوب صروف، وفارس نمر[1].
وقد نشر زيدان في مجلة الهلال كثيرًا من البحوث المترجمة، واختصت المقتطف بالأبحاث العلمية, ومن أشهر آثار اللبنايين في الترجمة تعريب الإلياذة شعرًا، وقام بهذا العمل الضخم سليمان البستاني[2].
ولكن الأسف قد طغت الفرنسية على أهالي لبنان بعد الحرب العالمية الأولى, حينما خضعت بلادهم لحكم فرنسا، ففرضت الفرنسية في جميع المدارس، تُعَلِّم بها كل المواد ما عدا اللغة العربية، فاستعجمت ألسنة شبابهم وأدبائهم، وركت أساليبهم، وضعفت الترجمة إلى حد كبير، ولا سيما المسيحيين، أما المسلمون فقد انصرفوا للتجارة، وإن كانوا أصلح لغة من إخوانهم، ولولا شعراء الجيل الماضي وأدباؤه؛ لتأخرت منزلة لبنان في الأدب، على أن هذا الوضع قد تغير نوعًا ما بعد الثورة 1945، واستقلال لبنان, وأخذت النهضة الأدبية فيه تشتد وتقوى، وأسست فيه دور نشر قوية، وظهرت ثمة بعض الصحف الأدبية الراقية, وإن كان أثر الثقافات الأجنبية في نتاج أدبائه واضحًا كل الوضوح, وأخذ كثيرٌ منهم يقلد المذاهب الأدبية الأوربية بحماسة ظاهرة. [1] وسنترجم لهم في الأجزء التالية من كتاب الأدب الحديث إن شاء الله. [2] ولد سنة 1856, وتوفي سنة 1925، وابتدأ في ترجمة الإلياذة سنة 1887 بالقاهرة، وتعلم اليونانية ليترجم الإلياذة. زونظمها في أحد عشر ألف بيت غير متقيد بوزن واحد ولا قافية واخدة بل استعمل كل ضروب الشعر وبحوره، وانتهى من نظمها سنة 1895، وشرحها وعلق عليها بألف بيت من الشعر وبكثير من القصص العربية، وانتهى من شرحها سنة 1902, ونشرت لأول مرة كاملةً بشرحها ومقدمتها سنة 1904.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 117