responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 154
ومن الأسلوب الأول قوله من رسالةٍ لصديق، بَيَّنَ فيها أحوال أهل العلم في عصره, منتقدًا هذه الأحوال، متهكمًا بهم في لهجةٍ ساخرةٍ لاذعةٍ، قال: "كتبت والذهن فاتر من وهن الدفاتر، والتبييض والتسويد، والتقييد، والتسديد، والترجمة وكثرتها، والهمة وفترتها، والماهية وقلتها، النفس وذلتها، وراتبي لا يكفي أجرة البيت، ولا يفي ثمن الماء والزيت, وبالأمس وعد الوكيل بالزيادة، واعتذر اليوم بالأصيل على العادة، على أنه لو حصلت زيادة، فلزيد ولعمرو، إلى آخر الزمر، ولله الأمر، أحوال متبددة، ونفوس متبلدة، وأشغال متعددة، وإخوان خُوَّان, وخلان غيلان، ورفاق، وما أجمل الفراق.
وقلت:
إلام أعاني الصبر والدهر غادر ... وحتى متى أشكو وما لي عاذر
ولو أنني أشكو عظائم شدتي ... لميت لرقت لي العظام النواخر
وسألت عن فلان وفلان، وهيان بن بيان، ممن ينتسب للعلم وأهله، ويتظاهر بشعار فضله، ولو كان العلم بلحيةٍ تعظم وتطول، وشوارب تحفّ وتستأصل، وعيون على ما بها من غمضٍ ورمضٍ تكحل، وعمامة تعظم حتى ترذل، وطيلسان يلف ويسدل، وكم يوسع ويسبل، وأحاديث خرافة تقص وتنقل، ومحفظة تفعم وتثقل، وسواك يظهر من العمامة نصفه، وكتاب يخرج من الجيب طرفه، ثم بتشدق في الكلام، وبتباله في المرام، وتعسف في الأفهام، وحرص على الحطام، ثم يقول الإنسان: حضرت درس فلان، وسمعت من لفظه باللسان، وقضيت في العلم كذا سنة من الزمان، فهم أعلم من أقلته الغبراء، وأفقه من أظلته الخضراء، وإن كان للعلم غير هذه الآلات، فما لهم سوى هذه الحالات, غاية الأمر أنهم قضوا أرذل العمر في كتب معدودة، وشروح موجودة، وهم يكررونها ولا يدرونها، ويقررونها ولا يحررونها، ويتداولونها ولا يعقلونها، ولو صرف حماري هذا العمر فيها، لأصبح فقيهًا، وأضحى نبيهًا، والذي يظهر مينهم وشينهم, وعلامة ما بيننا وبينهم, أن يؤمر أحدهم برقعةٍ تكتب لحاجة معهودة،

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست