نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 172
وكانت للامتيازات الأجنبية نصيبٌ كبيرٌ في تدهور الحالة بمصر في تلك الأونة؛ حيث قد أصبحت أداةً ينتفع بها شر الطغاة من الأوربيين, وأشباه الأوربيين من متخرجي الشرق الأدنى، وتجسمت في أخريات عهد إسماعيل, حتى بلغت مداها المخيف، وراح الأوربيّ قناص الغنيمة، وسمسار القروض المرهقة، والإغريقيّ صاحب الخان, ومرتهن الأرزاق، واليهوديّ المراب, ي ومن إليهم ممن يسهل عليهم الاحتماء بإحدى الدول الأوربية, يمتصون الخزانة العامة, والفلاح والفقير, ويقترفون في هذه الجناية ما يستعصي على التصديق1".
أما الضرائب التي فرضها إسماعيل على الأرض فقد كانت فوق ما يتصور, حتى لقد بلغت الضريبة على الفدان ما يقرب من ثمنه، فكان من الطبيعيّ أن يترك هؤلاء الفلاحين أرضهم وديارهم, وينسحبوا هاربين عجزًا عن أداء الضرائب, وخوفًا من السياط[2].
عدا ثلاثين نوعًا من الضرائب الصغيرة، أضرَّت ضررًا بليغًا بالصناعات والأعمال التجارية والزراعية[3].
ناهيك بالسخرة، وما كان يصطحبها من إهانةٍ وأذى وذلة, طوحت بعزة المصريين، وأرهقتهم إرهاقًا شديدًا، حتى جعلت أيام السواد منهم شقاءً وبؤسًا.
كانت هذه الأمور من العوامل التي ملأت قلوب المصريين حقدًا وكراهيةً لإسماعيل وحكمه.
وزاد الأمور سوءًا أن إنجلترا وفرنسا كانتا تدفعان الحوادث دفعًا نحو التأزم, حتى تتاح لهما الفرصة للتدخل المباشر، وافتراس مصر، ففرضتا على مصر وزارةً فيها وزيران أوربيان برياسة نوبار باشا، "وكانت طبقة الموظفين المسلمين تعده أفاقًا أرمينًا, جمع ثورةً كبيرةً من سمسرته لأصحاب الأموال المستعدين لإعطاء القروض على حساب الجمهور، أما الفلاحون فكانوا يعرفون فيه الرجل الذي أنشأ المحاكم المخطلته التي يمقتونها أشد المقت؛ لاعتقادهم أنها وضعتهم في قبضة المرابين4".
1 Milner: England in Egypt P.15. [2] Cromar: Modern Egypt.36. [3] تاريخ محمد عبده, لرشيد رضا, ج1, ص172.
4 بلنت, ص37.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 172