نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 216
ومن عجائب ما لاقيت من زمني ... أني منيت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عليّ بما ... أصبحت فيه، فماذا الويل والحرب؟
فهل دفاعي عن ديني وعن وطني ... ذنب أدان به ظلمًا وأغترب؟!
لقد كان يحب مصر حبًّا ملك عليه شغاف قلبه، وهو القائل فيها:
بلد نشأت مع النبات بأرضها ... ولثمت ثغر غديره المتبسم
فنسيمها روحي ومعدن تربها ... جسمي وكوثر نيلها محيا دمي
فإذا نطقت فبالثناء على الذي ... أولته من فضل عليّ وأنعم
هي جنة الحسن التي زهراتها ... حور المها، وهزار أيكتها فمي
ما إن خلعت بها سيور تمائمي ... حتى لبست بها حمائل مخذمي
إن هذه النغمة الوطنية جديدة -كما ذكرنا- في الشعر العربيّ, وحسب البارودي فخرًا أنه من أوائل من تغنَّى بأمجاد وطنه في العصر الحديث, ولقد كاد يقضي أسى وهو يغادر مصر إلى منفاه، وزفر زفرة ملتهبة ينفس بها عن جواه:
ولما وقفنا للوداع وأسبلت ... مدامعنا فوق الترائب كالمزن
أهبت بصبري أن يعود فبزني ... وناديت حلمي أن يثوب فلم يغن
فكم مهجة من زفرة الشوق في لظى ... وكم مقلة من غزرة الدمع في دجن
وما كنت جربت النوى قبل هذه ... فلما دهتني كدت أقضي من الحزن
ولكنه سرعان ما يثوب إلى رشده، ويكفكف من دمعه، ويتجلد أمام خصومه, ويظهر سمات الرضا، وأنه يؤثر أن يبرح أرضًا يغشيها الظلم، تصك أنات الجور مسمعيه، وتؤذي رؤية وجه الغدر ناظريه.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 216