نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 223
ولقد كان مولعًا بهجاء رياض "باشا"؛ إذ كان يرى فيه معولًا هدَّامًا للحركة الوطنية، وعدوًّا للشعب، ونصيرًا للاستبداد والظلم، ولم يغفر له البارودي وشايته به لدى توفيق حين رأى ميوله الشعبية, فأخرجه من الوزارة ولم يعد إلّا بعد أن ترضاه توفيق.
ومن أهاجيه المقذعة في رياض قوله:
إن ملكًا فيه رياض وزير ... لمباح للخائنين وبل1
أهوج أحمق ستيم لئيم ... أغتم أبله زنيم عتل
صغرت رأسه وأفرط في الطول ... شواه وعنقه فهو صعل
أبرزت قدرة الطبيعة فيه ... شكل لؤم إن كان للؤم أهل
ليس تغني الألقاب عن كرم الأصل ... فمجد الفتى عفاف وعقل
أنت من عنصر لو اتكأ الذر ... عليه لآده منه حمل
نازعتك اليهود واختلفت فيك ... النصارى فأنت لا شك بغل2
وقد هجاه البارودي بقصيدةٍ أخرى مطلعها:
ما لي بودي بعد اليوم إلمام ... فاذهب فأنت لئيم العهد نمام
على أن البارودي لم يكن هجَّاء، وأهاجيه الشخصية قليلة إذا قيست بشعره كله، ولكن سخطه على الناس وتبرمه بأخلاقهم وعيوبهم كثيرٌ نوعًا ما، وهو يدل على النزعة الإصلاحية عنده, ويدل على أنه قد أوذي ولقي من قومه محنًا كثيرة، وأنه كان يضيق بأخلاقهم ذرعًا, فهذا الهجاء الاجتماعي جديد في شعر البارودي، إنه صوَّرَ به عصره وناسه تصويرًا ملونًا بشعوره الخاص، وحسبنا من الشاعر
1 بل: مباح، يقال: حل وبل.
2 هناك من يدعي أن رياضًا من أصل يهوديٍّ, راجع كتاب الثورة العرابية للرافعي, ص32، 38، وراجع كذلك Yonng: Egypt, P.104.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 223