نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 227
لكن أبت نفسي الكريمة أن ... أثلم حد العزاء بالكمد
فليبك قلبي عليك، فالعين لا ... تبلغ بالمدع رتبة الخلد1
إن يك أخنى الردى عليك، فقد ... أخنى أليم الضنى على جسدي
عليك مني السلام توديع لا ... قال، ولكن توديع مضطهد
ومن رثائه الذي يَنُمُّ عن عاطفةٍ صادقةٍ، ويظهر فيه الأسى واللوعة، وعظيم التفجع من غير مواربة أو تحفظ، رثاؤه لزوجته، وقد ورد إليه نعيها وهو بسرنديب، وعلى الرغم من أن رثاء الشعراء لزوجاتهم قليل في الأدب العربي، فإن قصيدة البارودي هذه تعد من عيون قصائد الرثاء، وهي تدل على الوفاء والمحبة, وعلى فرط حساسيته، ويقول في مطلعها:
أيد المنون قدحت أي زناد ... وأطرأت أية شعاعة بفؤادي
ومنها:
لا لوعتي تدع الفؤاد ولا يدي ... تقوى على رد الحبيب الغادي
يا دهر فيم فجعتني بحليلة ... كانت خلاصة عدتي وعتادي؟
إن كنت لم تحرم ضناي لبعدها ... أفلا رحمت من الأسى أولادي
أفردتهن فلم ينمن توجعًا ... قرحى العيون رواجف الأكباد
يبكين من وَلَه فراق حفية ... كانت لهن كثيرة الإسعاد
فخدودهن من الدموع ندية ... وقلوبهن من الهموم صوادي
أسليلة القمرين! أي فجيعة ... حلت لفقدك بين هذا النادي؟
أعزز عليَّ بأن أراكِ رهينةً ... في جوف أغبر قائم الأسداد
أو أن تبيني عن قرارة منزل ... كنت الضياء له بكل سواد
لو كان هذا الدهر يقبل فدية ... بالنفس عنك لكن أول فاد
1 الخلد: القلب، أي: أن العين مهما بكت لا يصل حزنها إلى منزلة حزن القلب.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 227