نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 231
ولي شيمة تأبى الدنايا وعزمة ... ترد لهام الجيش وهو يمور
إذا سرت فالأرض التي نحن فوقها ... مراد لمهردي المعاقل دور
فلا عجب إن لم يصرني منزل ... فليس لعقبان الهواء وكور
وأصبحت محسود الجلال كأنني ... على كل نفس في الزمان أمير
إذا صلت كف الدهر من غلوائه ... وإن قلت غصَّت بالقلوب صدور
ملكت مقاليد الكلام وحكمة ... لها كوكب فخم الضياء منير
فلو كنت في عصر الكلام الذي انقضى ... لباء بفضلي "جرول" و"جرير"
ولو كنت أدركت الواسي لم يقل ... "أجارة بيتينا أبوك غيور"
وما ضرني أني تأخرت عنهم ... وفضلي بين العالمين شهير
فيا ربما أخلى من السبق أول ... وبذ الجياد السابقات أخير
ويسود هذا النوع من الفخر شعر البارودي، ويبين أنه محسود المكانة، وأنه فريد عصره وواحد دهره, كما يقول:
فإن أكن عشت فردًا بين آصرتي ... فهأنا اليوم فرد بين أندادي
بلغت من فضل ربي ما غنيت به ... عن كل قارٍ من الأملاك أو باد
فما مددت يدي إلّا لمنح يد ... ولا سعت قدمي إلّا لإسعاد
الزهد:
ولعل قوله في الزهد يرجع إلى تلك الحالات النفسية التي غلبة فيها اليأس على أمره؛ وهو وحيد شريد يعاني غصص الفراق والنفي, وإلا فهذه النفس الطموح التي خاطرت وغامرت وتطلعت إلى الملك, وتلذذت ونعمت بالحياة, كانت بعيدةً عن الزهد في الحياة، ولعلها لم تزهد إلّا مرغمة، وعلى كلٍّ فما قاله في الزهد قليل, مما يدل على أنه أثر لنوباتٍ كانت تعتريه؛ فيتشاءم من الدنيا ويتذكر الموت، والموت يذكره بالعمل الصالح والإقلاع عن الغواية والجهل، ويذكّره بمن ماتوا قبله من ملوك أمراء وأصحاب عروش وضياع, ذهبوا وذهبت دنياهم
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 231