responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 396
والذي لا يأبه له الناس, وإنما يعمد دائمًا إلى ما هو أسمى من ذلك وأجل شأنًا، ولذلك كان الشعر أعلى صور البيان عند العرب، ومفخرة أدبائهم.
ومن العجب أن يرجع الأستاذ توفيق الحكيم عن تعظيم شأن القصة، ويفرق بينها وبين الأدب بقوله: الفرق بين الأدب وبين القصة؛ كالفرق بين المناطق العليا في الإنسان والمناطق الأخرى, وإذا كانت القصة تصور الإنسان في حياته، فإن الأدب يصور الفكر في حياة الإنسان، ذلك أن الإنسان ليس مجرد شخصية تتحرك في محيط البيئة المادية من ريف أو حضر أو منزل أو مقهى أو مكان عمل, مما درج القصاصون على تسميته بالحياة الواقعية، ولكن الإنسان أيضًا فوق ذلك وأكثر من ذلك عقل يتحرك في عوالم فكرية مرتفعة، وهي روح يسبح في معانٍ شعرية سامقة، فالعناية بحياة هذا الجزء الأعلى من الإنسان هو من اختصاص الأدب، ولكن انتشار القصة باعتبارها مطالعة سهلة, قد دفع الكثيرين إلى اختصار الطريق، والهرب من الجهد، واتخاذ القصة مركبًا هينًا، لا يكلف أكثر من سرد حوادث محلية، وحبك مواقف، ووصف أشخاص، ورسم مناظر من الحياة الجارية بأي أسلوب اتفق، ليطلق على هذا العمل الزهيد، بعدئذ اسم الأدب المبتكر والخلق الأصيل1".
إذًا فالقضية على عكس ما يدعي الشعوبيون، ومن انخداعٍ بأقوالهم، ويؤيد قولنا هذا أن العربيّ لما اتصل قديمًا بآداب الفرس والهند لم يعجبه منها إلّا النوع الخياليّ المجنح الذي ينطق الحيوان، ويشخص الجماد، ويحلق بعيدًا عن مستوى الحياة الواقعية وأفعال الناس وأقوالهم، وقد أخذ العرب يحاكون هذا النوع من القصص حتى برعوا فيه، وعد ابن النديم في الفهرست من كتب الأسماء والقصص التي ألفها العرب على نمط كليلة ودمنة والصادح والباغم لابن الهبارية مائة وأربعين كتابًا.
ولما ترجمت المجموعة الأولى من كتاب ألف ليلة وليلة، كانت تحتوي ألف خرافة فارسية وتسمى "هازار إفسانه" غير فيها العرب وبدلوا، وأضافوا إليها

1 من مقال للأستاذ توفيق الحكيم بجريدة الأخبار بتاريخ 28/ 3/ 1948.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست