نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 398
ويظهرون الشخصيات التي تمثل الناس في حياتهم المألوفة، وأحيانًا يلجأون إلى القصة الواقعية أو الأقصوصة, ويدعون الشخصيات التي يصورونها تتحدث كما هي في الحياة من غير أن يظهر المؤلف عواطفه أو يبرز شخصيته، حتى تكون قصته أقرب إلى الحقيقة وأدنى من الواقع, ولم يكن المجتمع الإسلامي في العصر الذهبي للأدب العربي أيام العباسيين, وأيام أن عرفوا شيئًا من القصص الفارسي وغيره بحاجة إلى من يحل له مشكلاته الاجتماعية والخلقية, ويشرع له القوانين ويبين له كيف يطبقها، فقد كان الشرع الإسلاميّ قائمًا, وهو تشريع من عند الله, يعتقد الناس أنه الحق والعدل، وأنهم في غنًى عن سواه من القوانين، وأن كل قضاياهم تحل على ضوئه، ولا يجوز لأحد أن يقترح تشريعًا مخالفًا أو حلًّا لا يوافق الشرع، ولذلك بطلت حاجتهم إلى مثل هذا القصص الواقعي الذي يصور الرجل العادي في حياته المألوفة ويحل مشكلاته ومشكلات مجتمعه.
إن أسطورة العقل الآري وفضله على العقل السامي, التي طالما رددها أدباؤنا من غير أن يفطنوا إلى ما فيها من شعوبية كامنة، ومن غير أن يتبينوا وجه الصواب بعد أن غشى عليهم الحق ما عليه الشعوب العربية من هوان وضعف، فاعتقدوا باطلًا أن الحق مع القوة, وأن العقلية الآرية لابد أن تكون متفوقة ما دام أصحاب هذه العقلية هم المسيطرون على شعوب الأرض, إن هذه الأسطورة تنم عن تعصبٍ مكينٍ في نفوس قائليها, وعلى مغالطة ظاهرة، فهذا "أرنست رينان" وهو من غلاة الشعوبيين وأشدهم قسوةً على العرب ودينهم, والساميين وعلقليتهم, يقرر ما أورده أحمد أمين, ويحقر من العقلية السامية[1] ويقول: "يبدو أن التفكير الفلسفيّ للبحث عن الحقيقة كان وقفًا على الجنس المسمى بالهندي الأوربي, أو الآري الذي يمتد من الهند إلى أقصى الغرب, وإلى أقصى الشمال، والذي كان يبحث منذ أقدم العصور إلى الآن في تفسير الله والإنسان والعالم تفسيرًا عقليًّا, وقد ترك وراءه في كل مراحل تاريخه آثارًا فلسفية خاضعة لنواميس تطور منطقي، أما الساميون فإنهم بدون تفكير أو تدليل -أي بدون [1] راجع Historire Generale et Systeme Compare, des Langues Semitiques par Ernest Renan. p. 1/ 18.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 398