نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 100
وقد قال كثير من الباحثين العرب إن اللغة الفصحى هي لغة قريش، لأنها أفصح اللهجات العربية وأصفاها[8] ومن أشهر هؤلاء الباحثين: الفارابي وابن فارس وابن خلدون ويؤيدهم من المحدثين الأستاذ لطفي جمعة[9] والدكتور شوقي ضيف10 فهم يرون أنها اللغة الفصحى من بين لهجات القبائل العربية، وأنها هي التي سادت في المجال الأدبي فأصبحت لغة الأدب والفصاحة قبل ظهور الإسلام بزمن، ويقولون إن القرآن نزل بها، ذلك أنه هو -أي القرآن الكريم- يمثل العمود اللغوي، وبما أن القرآن قد أُوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم سليل قريش المكية فالقرآن إذن نزل بلغة قريش، ولهذا كان العمود اللغوي الذي يجب أن يحتذى هو في لهجة القبيلة المذكورة[11]. وقال أبو نصر الفارابي في أول كتابه المسمى بالألفاظ والحروف: كانت قريش أجود العرب انتقاء للأفصح من الألفاظ، وأسهلها على اللسان عند النطق، وأحسنها مسموعًا، وأبينها إبانة عما في النفس[12] ويقول ابن فارس في أسباب تفوق لغة قريش على ما عداها: "ذلك لأن الله تعالى اختارهم من جميع العرب، واختار منهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، فجعل قريشًا قُطَّان حَرمه، وولاة بيته، فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في دارهم، وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب.
فهم يرون أن لهجة قريش تجمع لها من الأسباب، ما جعلها تسير بخطوات حثيثة نحو الرقي والكمال، فتم لها ذلك، فاتخذها العرب لغة رسمية لهم، يتحدثون بها في مجتماتهم الكبيرة، ويقولون بها أدبهم، وينطقون بها في تفاهمهم وأحاديثهم العامة ورسائلهم، وقد أتيحت لقريش ظروف لم تتح لغيرها: [8] راجع في ذلك معجم ما استعجم للبكري ص660، والأغاني والمزهر وأخبار أسواق العرب. [9] كتابه الشهاب الراصد.
10تاريخ العصر الجاهلي، 132. [11] درة الغواص للحريري ص137 والمزهر، للسيوطي جـ 1، ص136. [12] المزهر، جـ1 ص211.
فمن الناحية الدينية: كانت قريش تنزل بمكة، وكانت مكة قبلة العرب الدينية جميعًا
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 100