نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 122
عن مثل ما سأل عنه المفضل، فقال: ليس هكذا قال زهير يا أمير المؤمنين؛ قال: فكيف قال؟ فأنشده:
لمن الديار بقُنّة الحجر[38] ... أقوين مُذ حِجج ومذ دهر
قفر بمندفع النحائب[39] من ... ضَفْوى[40] أولات الضّال والسِّدْر
دع ذا وعد القول في هرم ... خير الكهول وسيد الحضر
قال: فأطرق المهدي ساعة، ثم أقبل على حماد، فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين عنك خبر لا بد من استحلافك عليه. ثم استحلفه بأيمان البيعة، وكل يمين محرجة ليصدقنه عن كل ما يسأل عنه، فحلف له بكل ما توثق منه. قال له: اصدقنى عن حال هذه الأبيات من أضافها إلى زهير، فأقر له أنه قائلها، فأمر فيه، وفي المفضل بما أمر به من شهرة أمرهما وكشفه[41]. ويروى عن صالح بن سليمان[42]، قال: قدم حماد الراوية على بلال بن أبي بردة البصرة، وعند بلال ذو الرمة، فأنشده حماد شعرًا مدحه به. فقال بلال لذي الرمة: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: جيداً: وليس له. قال: فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله. فلما قضى بلال حوائج حماد وأجازه، قال له إن لي إليك حاجة، قال: هي مقضية.
قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال: لا. قال: فمن يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، وهو شعر قديم وما يرويه غيري. قال: فمن أين علم ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.
وروي عن ابن الأعرابي، أنه قال[43]: "سمعت المفضل الضبي يقول: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبدًا، فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطئ في روايته أم يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردون من أخطأ إلى الصواب، لا، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر، يشبه به [38] القنة: أعلى الجبل، وأراد هنا ما أشرف على الأرض. والحجر. موضع بعينه، وهو حجر اليمامة. [39] النحائب، آبار من موضع معروف. [40] ضفوى: مكان دون المدينة. [41] أغاني جـ6 ص90. [42] أغاني جـ6 ص88. [43] المرجع السابق ص89.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 122