نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 181
بعض كلمات تقال، طعنًا فيهم، بدافع الغيرة والتنافس، أمر لا يستسيغه المنطق، ولا يقبله منصف، ولماذا لا نأخذ في الاعتبار شهادات الاعتراف بالأمانة والصدق والنزاهة التي قيلت في كثير من الرواة الصادقين؟
وهل يتصور عاقل أن الإسلام اخترع ألفاظًا جديدة لم يكن للعرب بها سابق عهد؟ إذن كيف كان العرب يفهمونها لو كان الأمر كذلك؟ المعروف أن الإسلام قد أدخل معاني جديدة، ومفهومات جديدة لبعض ألفاظ كانت معروفة ومستعملة لديهم.
وأما عدم وجود أثر للآلهة المتعددة عند العرب في الشعر المنسوب إلى الجاهليين، فهذا سوف نبحثه مع أشياء أخرى عندما نعرض لآراء بعض الباحثين فيما بعد إن شاء الله، وكذلك الحال في شأن اختلاف اللهجات بين العرب قبل الإسلام.
ومن الأساتذة المستشرقين الذين أفاضوا في الحديث عن قضية الانتحال في الأدب الجاهلي الدكتور ريجيس بلاشير، فقد عقد لذلك فصلًا طويلًا[14]، بدأه بأن الحديث عن صحة الشعر الجاهلي قديم قدم الشعر نفسه، وأثنى على جهود علماء العراق وقت التدوين في تحريهم الحقيقة، ثم عرض بعد ذلك آراء كثير من المستشرقين أمثال مرجليوث، وبرونليخ، ونولدكه، وأهلوارد، وجولدزيهر، ونوراندريه، ووليم مارسيه، وتريتون، وعقد بعض مقارنات بين آرائهم حول هذه القضية، كما عرض لرأي الدكتور طه حسين، الذي سيأتي الحديث عنه بالتفصيل إن شاء الله، ثم يستعرض هو نفسه الموضوع من جوانب متعددة، فيقول[15] عن الجوانب التي تثير الشك في الأدب العربي القديم:
"إننا إذا فحصنا النصوص الشعرية الجاهلية بمجملها، وجدنا أولًا أن الشكوك التي أثارتها يجب أن تمتد إلى آثار معاصرة للإسلام، أو جاءت بعده بقليل. وتجدر الإشارة من جهة ثانية إلى أن الانتحال لا يبقى محصورًا في الشعر، بل يتناول النثر، حتى لنستطيع الجزم أن ليس لدينا -باستثناء القرآن- سطر واحد من النثر يرجع تاريخه إلى هذا العهد، ومن الضروري إذا أردنا أن نتبين حقيقة المسألة، أن نشير إلى أن هناك كمية من الآثار القديمة التي أفسدتها الرواية الشفهية والتدوين، امتزجت بآثار منحولة ذات مظاهر مختلفة، ومنها قطع [14] قضية الشعر الموضوع، تاريخ الأدب العربي لبلاشير، ص176 وما بعدها. [15] المرجع السابق، ص183-184.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 181