نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 234
بعض وجهات النظر، أدى في بعض الأحيان، إلى اتساع هوة الشقاق، إلى أن وصل الحال بينهم إلى وقوع صدام مسلح، وهكذا حدثت بينهم مواقع وحروب سجلها التاريخ، وتحدثت عنها الروايات والأخبار.
هذه الحروب والمواقع التي حدثت بين العرب والفرس، شأنها شأن أي صدام مسلح أي قتال يحدث بين فريقين من العرب أو من غيرهم، من حيث روايتها بالحقيقة كما حدثت لا أكثر ولا أقل، أو من حيث تجاوز الحقيقة بالمبالغة ومطالعة الخيال، ومن ثم يجوز أن يكون قد دخلها شيء من المبالغات بحكم طبيعة الإنسان. ولكن مما يغلب على الظن، بل قد يكون من المؤكد أن العرب قد تحدثوا عن هذه الأيام، وقال فيها الأدباء ما يصور عواطفهم ومشاعرهم نحو هذه الأحداث التي كانت ولا شك أبعد أثرا في نفوسهم من حروبهم الداخلية التي تكون بين فريقين من العرب.
وفي الحديث عن الرواة ونحل الشعر، يقول الدكتور طه حسين "ولعل أهم هذه المؤثرات التي عبثت بالأدب العربي، وجعلت حظه من الهزل عظيمًا: مجون الرواة وإسرافهم في اللهو والعبث، وانصرافهم عن أصول الدين وقواعد الأخلاق إلى ما يأباه الدين وتنكره الأخلاق".
ولكنه لا يتحدث هنا إلا عن اثنين من الرواة، فيقول: "ولست أذكر هنا إلا اثنين إذا ذكرتهما فقد ذكرت الرواية كلها والرواة جميعًا فأما أحدهما فحماد الراوية، وأما الآخر فخلف الأحمر".
ويتحدث عنهما فيقول: "كان حماد الراوية زعيم أهل الكوفة في الرواية والحفظ، وكان خلف الأحمر زعيم أهل البصرة في الرواية والحفظ أيضَا، وكان كلا الرجلين مسرفًا على نفسه، ليس له حظ من دين ولا خلق ولا احتشام ولا وقار، وكان كلا الرجلين سكيرًا فاسقًا، مستهترًا بالخمر والفسوق وكان كلا الرجلين صاحب شك ودعابة ومجون".
ويذكر أن حمادًا كان صديقًا لحماد عجرد، وحماد الزبرقان، ومطيع بن إياس، وأن خلفا كان صديقًا لوالبة بن الحباب وأستاذًا لأبي نواس، وأن "هؤلاء جميعًا كانوا من أمصار
92 في الأدب الجاهلي ص168.
93 المرجع السابق ص169.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 234