responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 240
الذاكرة الإنسانية مع طول العهد، من سهو أو نسيان، وبحكم ما في الطبيعة البشرية من ميل إلى العجب والزهو وحب الظهور والسيادة والسلطان، وميل إلى الشهرة وبعد الصيت.
ومن هنا دخل الأدب الجاهلي -كغيره من الآداب الأجنبية القديمة- بعض النصوص الدخيلة، ورميت بعض نصوصه بالصنعة والاختلاق. واتهم بعض رواته بالتزوير والتزييف، ولكن الكثرة منهم كانوا من الدقة والأمانة بمنزلة جعلتهم أهلًا للثقة بهم والاعتماد عليهم منذ أقدم العصور. ووجد من العلماء والنقاد من كانوا ذوي فطنة قوية، وذوق أدبي ممتاز! ومن طول ممارستهم للنصوص الأدبية القديمة، وترديدها، ومدارستها، تكونت لديهم خبرة فائقة بطبيعة هذه النصوص وخصائصها، لدرجة أنهم كانوا يستطعون تمييز الدخيل من الأصيل، وبهذا صفوا لنا كثيرًا من النصوص الجاهلية، ودونوها بعد أن ثبت لهم بالأدلة القاطعة أنها صحيحة وأصيلة، ونبهوا على ما رفضوه، وما داخلهم شك فيه منها.
وهؤلاء الرواة والعلماء والنقاد الثقات، لا نتوقع منهم إجماعًا على كل نص من نصوص الأدب الجاهلي، وذلك شيء طبيعي، فكلهم لم يكونوا في عصر واحد، وكلهم لم يتلقوا من مصدر واحد، والأمزجة والأذواق تختلف فيما بينهم، فالقبائل العربية كثيرة، ولكل قبيلة شعراؤها، والشعراء لا حصر لهم، والنصوص كل منها يختلف عن غيره طولًا وقصرًا، وغرضًا وموضوعًا، وبحرًا وقافيةً. فقد يحفظ الواحد منهم ما لا يحفظه غيره، وقد يحفظ في غرض، ويحفظ غيره في غرض أو أغراض أخرى، وقد يروق لأحدهم بحر أو قافية معينة، ويعجب غيره ببحر أو قافية أخرى. وقد يحفظ بعضهم القصائد الطوال، بعضهم القطع القصار، وقد يجمع نفر منهم بين هذا وذاك.
وقد تدفع المنافسة في حب الشهرة، ونيل الحظوة، إلى الغيرة والحسد، وربما تقود إلى التشنيع والتشهير عن طريق الادعاء والافتراء، ومن ثم ينبغي ألا يعتمد على أقوال بعض الرواة التي تتضمن طعنًا في نزاهة بعض زملائهم، خصوصًا إذا كانوا من المتعاصرين، فالعبرة في نزاهة الشخص وأمانته بما شاع عنه من ناحية السيرة والسلوك والخلق، وما أجمع الكل على أمر إلا اشتهر وذاع، فمن عرف عنهم الأمانة والنزاهة، أهل للثقة بهم، والاعتماد عليهم.
وما تقبله النقاد الأقدمون بنفس مطمئنة في ثقة ويقين، وما دونه الصدر الأول من العلماء والباحثين الثقات ليس لنا إلا أن نقبله ونصدقه؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بصحة الصحيح، وأصالة الأصيل، وزيف الباطل، وتزوير المصطنع، فنفوا خبثه وزوره، وأثبتوا

نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست