نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 329
التعليق على تحليل المعلقات:
هذا عرض تحليلي للمعلقات السبع، ومنه يتبين أن كل معلقة تحتوي على أفكار متعددة، ولكن الشاعر كان يحاول أن يجعل أفكاره في قصيدته متسلسلة، تسلسلًا طبيعيًّا، والروابط بين الأفكار واضحة في جميع المعلقات إلا في معلقة امرئ القيس فإنها تحتاج في تبينها إلى قليل من التأمل:
ففي معلقة امرئ القيس نجد أن الشاعر بدأها بالوقوف على الأطلال، ووصف ما آلت إليه الديار فجره ذلك إلى الحديث عن سبب ذلك وهو ترك الحبيبة لها، فتحدث عن موكب الارتحال، وأثر ذلك في نفسه، فعاد به ذلك إلى تذكر ما كان من مواقف مع الحبيبة وسبب تأثيرها عليه، وهو جمالها فوصفها، فأثار ذلك كله الهموم التي أقضت مضجعه في الليل، فوصف ما يعانيه المهموم الحزين من الليل، وحتى إذا أصبح فلن يسرّى عنه الهم ما دام في جو الذكريات، وحينئذ ليس أمامه إلا أن يترك هذا المكان بأسرع ما يستطيع فيخرج مبكرًا في
فجبهناهم بضرب كما يخـ ... رج من خربة المزاد الماء
وحملناهم على حزن ثهلا ... ن شلالا ودمي الأنساء
وفعلنا بهم كما علم اللـ ... ـه وما إن للخائنين دماء
ثم حجرًا أعني ابن أم قطام ... وله فارسية خضراء
أسد في اللقاء ورد هموس ... وربيع إن شنعت غبراء
فرددناهم بطعن كما تنهـ ... ـز عن جمة الطوي الدلاء
وفككنا غل امرئ القيس عنه ... بعدما طال حبسه والعناء
وأقدناه رب غسان بالمنـ ... ذر كرهًا إذ لا تكال الدماء
وولدنا عمرو بن أم أناس ... من قريب لما أتانا الحباء
مثلها يخرج النصيحة للقو ... م فلاة من دونها أفلاء
وبهذا تنتهي معلقة الحارث بن حلزة، وهي كما نرى تصوير لشعور مغيظ محنق، ينفس عن غضب يقطع نياط قلبه، وثورة تتأجج في صدره، ليرد كيد المعتدي في نحره، في تقريع عنيف، وتهكم مرير، وسخرية قاتلة، ويثأر لكرامته ويصون شرفه.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 329