نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 365
من أناس ليس من أخلاقهم ... عاجل الفحش، ولا سوء الجزع115
عرف للحق، ما نعيا به ... عند مر الأمر، ما فينا خرع116
وإذا هبت شمالًا أطعموا ... في قدور مشبعات لم تجع117
وجفان كالجوابي ملئت ... من سمينات الذرا فيها ترع 118
لا يخاف الغدر من جاورهم ... أبدا منهم ولا يخشى الطبع119
ومساميح بها ضن به ... حاسروا الأنفس عن سوء الطمع120
حسنو الأوجه بيض سادة ... ومراجيح إذا جد الفزع121
وزن الأحلام إن هم وازنوا ... صادقو البأس إذا البأس نصع122
وليوث تتقي عرتها ... ساكنو الريح إذا طار القزع123
فيهم ينكى عدو وبهم ... يرأب الشعب إذا الشعب انصدع124
115 لا يقصد الشاعر أن يقول إنهم لا يعجلون بالفحش كما يعجل غيرهم، وإنما يقصد أنهم لا فحش عندهم البتة، ولا يجزعون للمصيبة.
116 الخزع: اللين والضعف، أى لا يستثقلون الحق عند الشدائد؛ لأنهم شجعان، وليس فيهم ضعف ولا جبن.
117 شمالا: أى ريح الشمال، يقصد أوقات القحط والمجاعة، مشبعات: مملوءات. لم تجع: لا تخلو من الطعام أبدًا.
118 الجفان: جمع جفنة وهي إناء الطعام، الجوابي: جمع جابية، وهي الحياض الكبار التي يجمع فيها الماء. الذرا، جمع ذروة. والذروة من كل شيء أعلاه، ويريد بها أسنمة الإبل. ترع: امتلاء وشبع. يقصد تشبع الآكلين وترضيهن.
119 الطبع: تلطخ العرض، ويقصد بها هنا كل عيب، أي أن جارهم آمن مطمئن، في حفظ ورعاية واحترام.
120 مساميح: أجواد، حاسروا الأنفس: كاشفوها، أي يبعدون أنفسهم عن الطمع، أي هم كرام أجواد، يعطون ولا يأخذون.
121 حسنو الأوجه: أي كلهم طهارة وشرف، أو بشاشة وحسن لقاء. مراجيح: راجحو القلوب: أي ثابتون، لا يستخفهم الفزع، لأنهم ليسوا بجبناء.
122 الأحلام: العقول. أي هم ذوو رأي سديد، يقلبون الأمور على وجوهها، ثم يبدون آراءهم فتجيء محكمة سديدة لحسن عقولهم واتزان تفكيرهم. نصع: ظهر واتضح. أي هم الأقوياء أبطال صادقون في وقت الشدائد.
123 العرة: الأذى. ساكنو الريح: ثابتو الروع، رزينون. القزع: جمع قزعة، وهي القطع المتفرقة من السحاب، يشبه به خفاف القوم الذين ليست فيهم ركانة ولا رزانة.
124 نكيت العدو، ونكيت فيه: أي أصبت فيهم، فأكثرت الجراح والقتل ووهنوا لذلك. الشعب: الصدع والتفرق، وهو من الأضداد فيكون بمعنى الالتئام أيضا. يرأب: يصلح.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 365