responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 415
الأحزان والأشجان، وتبعث على تذكر ما كان لها، وما حدث فيها، فتهيج الذكريات، وتتمثل أمام القلب صور الماضي الحلوة، فتطرب لها النفس وتهش، وتستعيد ما لها من لذة وبهجة، فإذا الهدوء النفسي يعود، والعين تكف عن الدموع، وتتدفق الشاعرية، وينطلق اللسان، حاكيًا ما يرى القلب من صور الجمال.
وقد وصف الشعراء الجاهليون جمال المرأة الجسمي، كأنما كانوا يريدون أن تكون ماثلة أمام العيون فتسر برؤيتها، وتنشرح النفوس بمنظرها، وقد حاول الكثير منهم أن يتتبع جسمها جزئية جزئية، لترى بجمالها الكامل من ناصيتها إلى قدمها. ويندر أن نجد شاعرًا جاهليًّا قد خصص قصيدة طويلة بأكملها للغزل. وإنما الشائع أن القصائد الطويلة كانت غالبًا تبدأ بالحديث عن الأطلال ورحلة الحبيبة، ثم الحديث عن أوصاف هذه المحبوبة، ولكن الشعراء كانوا يختلفون في ذلك طولًا وقصرًا، فمنهم من كان يسهب في هذه الأوصاف، ومنهم من كان يوجز. ومن روائع الشعر الغزلي في الجاهلية، قصيدة لطرفة بن العبد[428]، وهي طويلة، نصفها الأول في الغزل حيث تعرض لأوصاف الحبيبة وجمالها الجسمي، وما تعيش فيه من نعمة ورفاهية، وتنقلاتها بين أنضر الجهات في كل فصل من فصول السنة، وأثر فراقها في نفسه، وما يحسه من اللوعة والأسى لبعدها، وما يعتاده من خيالها، وفيها يقول 428:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر ... ومن الحب جنون مستعر429
لا يكن حبك داء قاتلا ... ليس هذا منك ماوي بحر430
كيف أرجو حبها من بعدما ... علق القلب بنصب مستسر431

[428] ديوان طرفة نشر الدكتور علي الجندي، قصيدة رقم5.
429 صحوت: تركت الصبا والباطل. شاقتك: هاجتك، واستخفتك. هر: اسم امرأة. المستعر: الشديد، وأصله الملتهب، من "سعرت النار" إذا أوقدتها وهيجتها، ويكون أيضا من السعار، وهو كالجنون. يخاطب الشاعر نفسه، فيقول: هل تيقظت من سكرة الحب. أم ما زالت هر تلهب عواطفك، وتستولي على عقلك. فتجاوز القدر في حبها. وتصبح بسببها كالمجنون.
430 ماوي: مرخم ماوية. المرأة، واسم امرأة. وإذا كان اسم امرأة، كان اسما آخر لنفس المرأة التي هي "هر" بحر: من شأن الشخص الحر الكريم. يقول لها: لا يجوز أن يكون جزائي على حبي لك الهجر والحرمان، فإنك إن فعلت ذلك كان سببًا لقتلي، وهذا ليس من فعل الحر الحريم.
431 أرجو حبها: أي زوال حبها عني. علق: تعلق. نصب: تعب وعناء. مستسر: مكتتم، في داخل القلب وهنا يقول: كيف آمل أن يزول حبها ويقلع عني. بعدما تعلق قلبي بها، وتمكن حبها فيه، ولا أمل في الخلاص منه.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست