نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 70
[2]- زجر الطير وضرب الحصى وخط الرمل:
ذلك أنهم كانوا إذا أرادوا فعل أمر أو تركه زجروا الطير حتى يطير، فإن طار يمينًا كان له حكم، وإن طار شمالًا كان له حكم، وإن طار من فوق رأسه كان له حكم، ومن ثم سميت الطيرة، أخذًا من الطير، فما تيامن منها وأخذ ذات اليمين سموه سانحًا، وما تياسر منها سموه بارحًا، وما استقبلهم منها فهو الناطح، وما جاء من خلفهم فهو القعيد. ومن العرب من يتشاءم بالبارح لأنه لا يمكن رميه إلا بأن ينحرف إليه، ويتبرك بالسانح. ومن تبرك بشيء مدحه، ومن تشاءم بشيء ذمه[3]. وأكثر ما عولوا عليه من ذلك الغراب، ثم تعدوه إلى غير الطير من الحيوان، ثم جاوزوا ذلك إلى ما يحدث في الجمادات من كسر أو صدع، وما يقع من ظواهر الطبيعة المختلفة كالريح والسحاب والرعد والبرق والمطر، وغير ذلك.
كما شاع فيهم طرق الحصى بعضها ببعض عند السؤال. فيدعي الطارق بذلك معرفة الجواب، وكذلك خط الرمل. وكثيرًا ما كان يتخصص في زجر الطير وطرق الحصى وخط الرمل أفراد معينون فاشتهروا بذلك. وقد قيل في الزجر والطرق شعر كثير، من ذلك قول حسل بن عامر الهمداني: [3] قال ابن دريد: السانح يتيمن به أهل نجد ويتشاءمون بالبارح، ويخالفهم أهل العالية، فيتشاءمون بالسانح، ويتمنون بالبارح. العمدة: [2]-162.
وكان من أثر الحياة القاسية التي كان يحياها الجاهليون، وعدم استعمال العقل والحكمة في كثير من مظاهر الحياة، أن كانوا لا يحسنون ربط الأسباب بمسبباتها، فوجدت لديهم عادات واعتقادات عجيبة بعيدة عن مجال العقل والمنطق الصحيح، من ذلك مثلًا:
1-الكهانة والعرافة:
ويقصدون بالكهانة ادعاء علم الغيب كالإخبار بما سيقع، وقال الأصفهاني في كتاب الذريعة: الكهانة مختصة بالأمور المستقبلة والعرافة بالأمور الماضية.
وذلك بالاستدلال ببعض الحوادث الحالية على الحوادث الآتية بالمناسبة، أو بما يكون بينها من ارتباط أو مشابهة خفية، أو غير ذلك، واشتهر بالكهانة: عزى سلمة، وشق أنمار، وسطيح بن مازن، وخنافر بن التوءم الحميري، وسواد بن غارب الدوسي، وطريفة الكاهنة، وزبراء، وسلمى الهمدانية، وعفيراء الحميرية، وفاطمة بنت مر الخثعمية، ومن العرافين رباح بن عجلة عراف اليمامة، والأبلق الأسدي عراف نجد[2]. [2] بلوغ الأرب جـ3 ص275 وما بعدها.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي جلد : 1 صفحه : 70