نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 126
يرد صداها جدار الظلام ويذرو حبيباتها فهي رجع نواح
فأبسم مستسلمًا غير أني إذا ما أطل على الكون فجر ولاح
أراني ما زلت أحيا كما كنت لا الموت جاء ولا ثار حولي الصياح
إن كل شطر في هذه القصيدة ذو تسع تفعيلات وهو -كما نظن أن القارئ يقرنا عليه- أطول مما ينبغي لشطر واحد. وليس لنا مفر من أن نعده شطرًا واحدًا لأن العدد تسعة لا ينقسم على اثنين بحيث نستطيع أن نرصفه على شطرين فنخفف بذلك من ثقله. ولقد كنا نستطيع أن نقسمه على ثلاثة أشطر ولو أن الشاعر أراد ذلك وأحدث له الوقفات اللازمة في ثنايا الشطر. والواقع أن قابلية العدد تسعة للقسمة على ثلاثة تجعل إطالة الشطر إليه أمرًا غير مقبول، فماذا كان يضير الشاعر أن يقول هذا مثلًا:
فأبسم مستسلمًا غير أني إذا ما أطل ... على الكون فجر ولاح
أراني ما زلت أحيا كما كنت لا الموت جاء ... ولا ثار حولي الصياح
إن ثقل التفعيلات التسع يأتي من ناحيتين: أولاهما أن العرب لم يكتبوا شطرًا مدورًا أطول من ثماني تفعيلات، وثانيهما أن الرقم تسعة هو نفسه ثقيل الوقع في السمع، كالرقم خمسة تمامًا. فليس الطول وحده هو الثقيل فيه، وإنما لأنه أيضًا ذو تسع تفعيلات.
أما السبب في كون العددين خمسة وتسعة لا يردان في الشعر العربي فلعله يحتاج إلى دراسة للمقاطع تكشف السر فيه.
ملاحظة ختامية:
نبه أكثر من أديب إلى أنني أنا نفسي أستعمل التشكيلات الخماسية في
نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 126