نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 184
بنسبة عالية، في إشاعة هذا الإحساس في نفوس القراء. ويكمن سبب ذلك في جوهر التدوير نفسه. لأنه في حقيقته مد للعبارة وإطالة للشطر، فإذا كان الشاعر ضعيف السيطرة على قصيدته بالمعنى العروضي، لاح وكأن ما يقوله نثر خالٍ من الموسيقى والإيقاع.
ونحب أن نورد مثلًا. إني أسحب أول عدد أصادفه من مجلة "الآداب" فأقع فيه على قصيدة لخليل الخوري من دمشق يبدؤها قائلًا من الكامل:
أنا في انتظار المعجزه
من أين؟
لا أدري! ولكني هنا ألتاث
يوجعني انتظار المعجزه
الصمت في الأغوار يزحف
يأكل الأبعاد يفترس الزمان
أصغي أكاد أحس
أحدس ما تحيك[1] أنامل الصمت العميق2
إن هذه الأشطر تزخر بالتدوير. هناك من الأشطر المدورة الثاني والثالث والخامس والسابع. وحيث إن الشعر الحر ذو شطر واحد كما سبق أن قررنا فإن التدوير يصبح ممتنعًا كل الامتناع فيه؛ لأن العرب لا تدور ضرب الشطر أو البيت، وإنما يدور العروض وحسب، ثم إن الحاجة إلى التدوير تنتفي أصلًا في كل شعر حر. ذلك لأن طول الشطر غير معين بحيث يستطيع الشاعر أن يضع ما يشاء من تفعيلات مستغنيًا عن التدوير. وعلى هذا الأساس كان ينبغي أن يجمع الشاعر كل شطرين مدورين معًا. وبذلك تصبح قصيدته كما يلي: [1] الصواب "تحوك". ويخطئ في هذا الفعل كثير من الناشئين، لا ندري السبب.
2 قصيدة "الرؤيا المكبلة" خليل الخوري. مجلة الآداب. بيروت. آب 1961.
نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 184