نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 200
أول شاعر نظم البند كان على علم بهذه الخاصية العروضية، ولقد كان فوق ذلك مرهف السمع، مبدعًا، فعرف كيف يستطيع أن يجمع الرمل والهزج في قصيدة واحدة. وليس ذلك أمرًا هينًا كما قد يظن؛ لأن معرفة الصلة بين "مفاعيلن" و"فاعلاتن" لا تكفي لإبداع البند وإنما ينبغي إلى جانبها تحسس مرهف للإيقاع والوزن، بحيث يدرك الشاعر الوسيلة الموسيقية الفذة التي يمكن بها أن تجتمع التفعيلتان دون أن يحس القارئ بغرابة الانتقال. ولسوف ندرس هذه الوسيلة فيما يلي:
إن الأشطر الأربعة الأولى مما اخترناه من بند ابن الخلفة كانت من بحر الهزج ذي التفعيلة "مفاعيلن":
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلْ
أهل تعلم أم لا أن للحب لذاذاتْ
وقد يعذر لا يعذل من فيه غرامًا وجوى ماتْ
فذا مذهب أرباب الكمالاتْ
فدع عنك من اللوم زخاريف المقالاتْ
وفجأة، بعد تواتر "مفاعيلن" في هذه الأشطر كلها دون شذوذ، يأتينا شطر تشذ تفعيلته الأخيرة فلا تكون "مفاعيلْ" وإنما "فعولن" قال:
فكم قد هذب الحب بليدا
مفاعيلن مفاعيلن فعولن
كيف حدث هذا؟ ولماذا؟ في الواقع أن الضرب "فعولن" وارد في تشكيلات بحر الهزج التي يذكرها العروضيون، فالشاعر إذن ما زال جاريًا على الهزج لم يخرج عنه. وإنما تكمن المفاجأة الجميلة في أن "فعولن" هذه مساوية للمقطع "علاتن" الذي هو الجزء الأخير من تفعيلة الرمل
نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 200