نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 280
الرئيسيان في كل تكرار مقبول، فإذا توافرا صح أن نبدأ فنبحث في الدلالات المختلفة التي يقدمها التكرار فيغني بها المعنى ويمنحه امتدادات من الظلال والألوان والإيحاءات.
وأما من جهة الدلالة فإن شعرنا المعاصر يقدم لنا ثلاثة أصناف من التكرار تخضع كلها للقانونين السالفين: التكرار البياني وتكرار التقسيم والتكرار اللاشعوري. وقد اخترت أن أضع لها هذه الأسماء للتمييز بينها دون أن أقصد أن تكون هذه الأسماء نهائية. إن البحث كله ليس إلا محاولة لاستقراء أساس بلاغي لبعض أساليب الشعر المعاصر نستفيد منها في النقد والتدريس. وأنا أدرك، قبل أي أحد آخر، مدى احتمال الخطإ في الحكم وفساد الاستدلال، غير أن صعوبة المجال لا ينبغي أن توهن عزيمة الناقد، فرب محاولة غير واثقة من نفسها يقوم بها ناقد ما تشق طريقًا لنجاح أكبر قد يتاح لناقد آخر.
التكرار البياني:
هذا الصنف من التكرار أبسط الأصناف جميعًا وهو الأصل في كل تكرار تقريبًا، وإليه قصد القدماء بمطلق لفظ "التكرار" الذي استعملوه. وقد مثل له البديعيون بتكرار {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في سورة الرحمن. والغرض العام من هذا الصنف هو التأكيد على الكلمة المكررة أو العبارة. فالشاعر مالك بن الريب، وهو يحتضر في مدينة مرو، على مبعدة من أهله في "الغضى" يحس بالحنين إلى دياره وذويه فيكرر لفظ "الغضى" في شبه حمى حتى يبلغ ما كرره خمس مرات في بيتين:
نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 280