نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 43
ذوقه. ومن هنا ينهض المشكل. لقد ثبت لنا أن أغلب الشعراء الناشئين الذي نظموا الشعر الحر كانوا دون مستوى هذه الحرية التي أعطيت لهم، فقد راحوا يكتبون بلا توقف، فكان المرء، وهو يقرأ شعرهم يجري في معترك لاهث لا راحة فيه. وما من شك في أن الناضجين من الشعراء يقدرون عظم المسئولية التي تلقيها الحرية على عواتقهم. ذلك أن هذا الوزن الحر لا يقدم أية مساعدة وإنما يقع العبء كله على سياق المعنى، وارتباطات الألفاظ في القصيدة، وليس هذا بالأمر الهين.
نتائج التدفق في الأوزان الحرة:
هذه "التدفقية" التي لاحظناها تؤدي إلى قيام ظاهرتين ملحوظتين في الشعر الحر يمكن أن نعدهما من عيوبه:
أ- تجنح العبارة في الشعر الحر إلى أن تكون طويلة طولًا فادحًا.
وهذا نموذج من قصيدة لبدر شاكر السياب:
وكأن بعض الساحرات
مدت أصابعها العجاف الشاحبات إلى السماء
تومي إلى سرب من الغربان تلويه الرياح
في آخر الأفق المضاء
حتى تعالى ثم فاض على مراقيه الفساح1
هذه الأشطر كلها عبارة واحدة، وليست فيها وقفة من أي نوع. وهذا مثال ثان من قصيدة لعبد الوهاب البياتي:
أترى الظلال الهائمات وراءه وعت الغناء
1 قصيدة "حفار القبور" لبدر شاكر السياب. مطبعة الزهراء. بغداد 1952 "ص3".
نام کتاب : قضايا الشعر المعاصر نویسنده : نازك الملائكة جلد : 1 صفحه : 43