responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 104
وأما من قال إن الحديث: كل مسكرٍ حرام، وفي بعضها، كل مسكر خمر، فهل يجوز أن يكون كل مسكر خمراً، وإنما كان له أن يُعارض هذه الأخبار، بهذا التأويل لو وجد له أصلاً في الروايات الصحاح فيجعله شاهداً، لما قال وتوهم على الناقلين لِما خالف مذهبه الغلط، ومن قال أن السكر حرامٌ فإنما ذلك مجاز من القول، والحقيقة، ما يكون منه السكر حرام، ومثل ذلك التخمة، حرام، وإنما يريد أن أكلك ما تكون منه التخمة حرام.
وأما الفرقة التي أحلت بالنار، فإنها أيضاً غلت في القول فشربت الشديد والعتيق الذي يسكر بعضُه وحَرَّموا الفقاع لأن النار لم تمسه، وهذا الذي أحلوه أشدُّ إسكاراً من الخمر وأصعب خماراً وأبطأ تحللاً، وأما الذين حرموا بالظروف وأحلوا بها فرأوا الحلوَ والنقيع في الجر حراماً، و {ا، االصلب الشديد في السقاء حلالاً والظروف لا تَحِلُّ ولا تُحَرَّم، وإن ما ذكره رسول الله " ص "، الظروف المزفتة والحنتم، لأن النبيذ يشتد فيهما ويتصلب فنهى عنها، ثم أذن فيها فقال: اشربوا في كل ظرفٍ ولا تسكروا.
قال ابن قتيبة: وأما ما نذهب إليه ونراه عدلاً من القول خارجاً عن الإفراط [والتقصير] ، فتحريم الخمر بالكتاب وتحريم المسكر بالسنة، والمحرم ما حرَّمه الله تعالى نصاً في القرآن نحو، الميتة والدم ولحم الخنزير، فهذا فرض على المسلمين أن يجتنبوه، فمن طعم شيئاً منه عامداً غير مستغفر منه ولا نادم عليه كانت النار مثواه إلاَّ أن تلحقه رحمة الله التي وسعت كل شيء وعفوه الذي لا ييأس منه إلا الكافرون؛ وترك الفرائض، نحو الصلوات الخمس وزكاة المال وصوم شهر رمضان، فمن ترك شيئاً من هذا ثم لقي الله غير مستغفرٍ منه ولا نادم عليه فهو بحال الأول.
ومحرَّم آخر حرَّمه رسول الله " ص "، كسباع الطير والوحش ولحوم الحمر الأهلية، وكتحريمه الحرير والديباج، وهذا واجب على المسلمين أن يحرموه، وليس كوجوب الأول، ولا التغليظ فيه على من خالف كالتغليظ في الأول، وقد أتت الرخصة في بعضه كالقليل من الديباج يكون في الثوب والقليل من الحرير. واستأذن عبد الرحمن بن عوف رسول الله " ص " في لبس الحرير لعله كانت به فأذن له. ولا بأس إذا خالطه في نسجه القطن إذا لم يكن بحتاً، وكان كالتفريط في صلاة الوتر وركعتي الفجر، فلا نقول إن تاركها كتارك الفرائض من الظهر والعصر.
وروي أن البراء بن عازب تختَّم بالذهب، وأُصيب أَنف عرفجة بن سعد يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذ أَنفاً من ورق فأنتن فأمره النبي " ص " أن يتخذ أنفاً من ذهب.
وكان شريح يقضي بين الناس على جلد أسد، وقد أجمع الناس على أن من أكل لحم ثعلب ليس كمن أكل لحم ميتة، ومن لبس جلد سمور ليس كمن لبس جلد خنزير، ومما يدل على هذا أيضاً حديث رفعه إلى مدرك بن عمَّار قال: دخل النبي " ص " حائط رجل من الأنصار فرأى رجلاً معه نبيذ في نقير فقال: أهرقه، فقال: أو تأذن لي فأشربه ثم لا أعود فقال " ع " فاشربهُ ثم لا تعد.
وروي في حديث يرفعه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني رجل مسقام فأذن لي في جرة أنتبذ فيها فأذن له. وكان ذلك قبل أن يأذن في الظروف. وهذا يدل على أنَّ ما يحرمه النبي " ص " قد يجوز أن يرخِّص فيه لمن شاء وعلى حسب العلة والعذر، ولا يجوز له [الترخص] فيما حظر الله له إلاَّ في الموضع الذي أطلقه. ونهى رسول الله " ص " عن شيءٍ، وأمر بشيءٍ، على جهة التأديب، فالعمل به فضيلة ومثوبة وليس على تاركه عقوبة كنهيه عن لحوم الجلاَّلة وعن كسب الحجام، وليس هذا مما حرَّم الله ولا مما حرَّم رسول.
والأشربة بهذا السبيل وأحدها الخمر وهي محرمة بكتاب الله عزَّ وجلَّ كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل منها قليل ولا كثير حتى يفسد ويفارقها العرض الذي حرمها.
والخمر نوعان، أحدهما مجمعٌ عليه، والآخر مختلف فيه، فأما المجمع عليه فهو ما غُلي من عصير العنب من غير أن تمسه النار، وأجمع المسلمون جميعاً أن هذه الخمر لا يحل منها قليل ولا كثير ولا يستعمل في طعام ولا شراب ولا دواء حتى ينقلب فيصير حلاًّ.
والجنس الآخر المختلف فيه، نقيع الزبيب والتمر، إذا اشتد وصلب، ونبيذ التمر هو المسكر. وقال آخرون هو خمر، وهذا القول هو الأولى، لأن تحريم الخمر نزل وخمور الناس مختلفة وكلها يقع عليه هذا الاسم في ذلك لبوقت.

نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست