responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 29
وحجَّ موسى بن داوود بن علي وأمره بالحجِّ معه ليأنس به وبنوادره وأشعاره في طريقه، ووصله بعشرة آلاف درهم وأعطاه جمالاً، فباع الجمال، وهرب إلى سواد الكوفة وانغمس في بيوت الخمارين وطلبه موسى فلم يجده فقال: دعوه إلى نار الله وأليم عذابه، ورَحًلَ فلما شارف القادسية، وإذا أبو دلامة قد خرج من قرية، يريد أُخرى فقبضوا عليه وأتوه به فقال: يا عدو الله يا فاجر، تفر من الحق إلى الباطل، ومن الحج إلى حوانيت الخمارين، فقيدوه ورموه في بعض المحامل فلما سارت الإبل صاح أبو دلامة بأعلى صوته:
يا أيها الناس قولوا أجمعين معي ... صلّ الإله على موسى بن داوود
كأن ديباجتي خديه من ذهب ... إذا تبلج في أثوابه السود
نبئت أن طريق الحج معطشةٌ ... من الطلاء وما شربي بتصريد
والله ما فيَّ من أجرٍ فتطلبَهُ ... ولا الثناء على ديني بمحمود
إني أعوذ بداوودٍ وتربته ... من أن أحج بكرهٍ يا ابن داوود
فقال موسى: ألقوه عن المحمل، فعليه لعنة الله، ومضى موسى لوجهه.
وهذا أبو الشِّيص، نقيُّ الكلام متخيَّرُ الألفاظ، مداحٌ للخلفاء، لاحقٌ للفحول، وهم عم دعبل بن علي يصف نفسه بالندام فيقول:
وكميت أرقها وَهَجُ الشمسِ ... وصيفٌ يغلي بها وشِتاءُ
طبختها الشِعري العَبُورُ وحثت نارها بالكواكب الجوزاءُ
محضتها كواكب القيظ حتى ... أقلعت عن سمائها الأقذاءُ
هي السُرج في الزجاج إذا ما ... صبَّها في الزجاجة الرصفاءُ
ودم الشادن الذبيح وما يحتلِبُ الساقيان منها سواءُ
قد سقتني والليل قد فَتَق الصبح بكأسين، ظبيةٌ حوراءُ
عن بنانٍ كأنها قُضُبُ ... الفضةِ حَنّا أطرافها الحِناءُ
وهو الذي يقول وقد اصطبح:
عاطِني كأسَ سلوةٍ ... عن أذانِ المؤذنُ
ما ترى الصبح قد بدا ... في إزارٍ متبنِ
فاسقينها سُلافةً ... والطُمَنيّ وأرمني
وقام فعثر [بد كدا] فسقط عليها وكسرها فذبحته ذبحاً.
وكان أشجع وحمزة ويزيد السُّلَمُّيون ندماء لا يفترون فمروا بقبر أبي زبيد الطائي وكان نديماً للوليد بن عقبة بن أبي مُعيط فدفن إلى جبه، فقال حمزة:
مررت على عظام أبي زبيد ... وقد لاحت ببلقعةٍ صلودِ
وقد كان الوليدُ له نديماً ... فجاور قبرُهُ قبرَ الوليد
وما أدري بمن تبدا المنايا ... بحمزة أم بأشجع أم يزيد
فمات حمزة ثم أشجع ثم يزيد.
وخرج ثلاثة فتيان إلى سجستان في بعث، فكانوا يتنادمون فتوفي أحدهم فكان صاحباه يغدوان بطعامهما وشرابهما إلى قبره فيشرب كل واحدٍ منهما قدحاً ويصبان قدح الميت على قبره، ثم توفي أحدهما فدفنه الآخر إلى جانب صاحبه، وضرب على قبريهما قبة وجعل يشرب قدحاً ويصب على على قبريهما قدحاً ويبكي ويقول:
خليليَّ هبّا طالما قد رقدتما ... أَجدَّ كما ما تقضيان كراكما
ألم تعلما أن ليس لي من مُحدثٍ ولا بسجستان نديمٌ سواكما
مقيم على قبريكما لست نازحاً ... طوال الليالي أو يجيب صداكما
وأبكيكما بالوجد مني وما الذي ... يُرَدُّ على ذوي لوعة إن بكاكُما
وكان يحيى بن زياد الحارثي ذا لامروءةٍ وظرفٍ، وهو الذي يقول:
أعاذلُ ليت البحر خمرٌ وليتني ... مدى الدهر حوتٌ ساكنٌ لجةَ البحر
فأُضحي وأُمسي لا أفارق لجةً أُرَوي بها عظمي وأشفي بها صدري
طوال الليالي ليس عني بناضبٍ ولا ناقصٍ حتى أُساق إلى الحشرِ وكان حمران بن إسحق بن أبان اللاحقي، ماجناً مدمناً وكان أبوه يعذله، فخرج إلى ماخور بعيدٍ من البصرة وكتب إليه أبوه يلومه ويسأله الرجوع إليه؛ فكتب إليه:
يا أبي لا ترث لي من غربةٍ ... أنا في عيشٍ وخفضٍ ودعة
وسجولِ خمسةٍ أو ستةٍ ... وإذا قلوا فعندي أربعة
وخوابٍ هادراتٍ دهرها ... وقناني ملاءٍ مُترعة
ومغنٍّ هزج يطربني ... وإذا شئت، تغنيت معه

نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست