responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 51
فطرب إسحق وشرب حتى ما مضى إلى منزله إلاَّ محمولاً.
وقال إسحق: كنا في مجلسٍ ومعنا مغنية طيبة وعندنا غادي المدني، وكان طيباً حاضر النادرة، فتحركت الجارية فضرطت فتغافلنا فخجلت وقطعت الوتر، فلما سكنت التفتت إلى غادي وقالت: أيّ شيء تشتهي أُغنيك قال: غنِّني؛ يا ريح ما تصنعين بالدمن. فكان خجلها من قوله أشدَّ من خجلها لِما بدر منها ولم ننتفع بها سائر يومها.
وخرج إبراهيم الموصلي، وإسماعيل بن جامع إلى روضة معشبةٍ فتغديا وشربا فقال إبراهيم:
غنِّني صوتاً خفيفاً ... واسقني سقياً عنيفاً
وامزج الكأس بماءٍ ... تلثم الخمر الشنوفا
وغنَّيا فيه بقية يومهما.
دخل مجنون على محمد بن سلاَّم مولى خزيمة بن خازم عندما قُتل أَبوه وهو كئيب حزين، فقال له المجنون: ما لي أراك مغموماً؟ قال: وكيف لا أغتم، وأخٌ قد قتل، وسلطان جائر، ومكروهٌ يُتوقع، فقال له المجنون: إذا أصبتَ يوماً صالحاً فأسلخ جلده قبل أن يجيء سوم سوءٍ فيسلخ جلدك، فضحك ودعا بالطعام والنبيذ.
قالوا: أراد نصراني الانحدار إلى واسط، فاكترى زورقاً مفرداً وجلس فيه وحده، فلما همَّ بالانحدار وثب رجلٌ وثبةً فصار معه، فقال: ما هذا، ما هو زورق كِراء. قال: قد علمتُ ولكن لا بدَّ أن تحملني، فسارا وأخرج النصراني سفرته، فتقدم الرجل، فقال النصراني: إن هذا اللحم لحم خنزير. قال: معاذ الله، لحم خنزير بغداد لا يوجد رطلٌ منه بألف دينار، قال: فإني ذبحته بيدي، قال: تراني أقبل دعواك واندفع يأكل، ثم أخرج شرابه، وقال: هذه خمرة كما ترى، قال: معاذ الله أن تكون خمراً، قال: أنا عصرتها بنفسي، قال: أنت عصرتها بيدك؟ قال: عصرها يهودي، قال: ما يكون إسناد أضعف من هذا، نصراني عن يهودي، نحن نكذِّب أكثر من يروي عن سفيان الثوري،ابي حنيفة، والله لو لم أشربه إلا كياداً لهذا الإسناد الضعيف [لفعلت] .
وأخذ الطائف رجلاً صفعان وهو سكران فقال: اصفعوه، فقال وهو يُصفع: هكذا كنا نعمل منذ الغداة، فعلم أنه صفعان فتركه.
وكان للضحاك بن مزاحم صديق نصراني، فقال له: ما يمنعك من الإسلام؟ فقال له: حبِّي للخمر، فقال له: أَسلم واشربها، فأسلم، فقال له الضحاك: يا هذا إنك قد أسلمت، فإن شربتها حددْناك وإن رجعت قتلناك، فحسُن إسلامه.
قال الموصلي: ضُرب صهيبٌ المدني في الشراب، وكان الجلاَّد قصيراً دميماً فقال له: تقاصر لينالك السوط، فقال: ويلك، إلى أكل الخبيص تدعوني والله لو وددت أني أكون أطول من عوجٍ وأنت أقصر من يأجوج ومأجوج.
وقال جحظة البرمكي: خرج عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزيات إلى المطيرة متنزهاً ومعه جاريته شَمول، وكانت من المحسنات فاستطاب المكان فأقام به مدةً طويلةً وكتب إليَّ:
شربنا بالمطيرة ألف يومٍ ... صبوحاً قبلَ أن يبدو النهار
وأفنينا العقار بها جرااً ... فلم يصبح بحانتها عُقار
فضج البائعون بها وقالوا ... أُناسٌ يشربون أم البحار
هُمُ ناسٌ ولكن أي ناسٍ بصحبة مثلهم خلع العذار
وسألني أن أصنع فيه لحناً فصنعته هزجاً وزرته فأقمت عنده أياماً في ألذ عيشٍ وأطيب متنزه، فلما انصرفت وصلني بأربعمائة دينار.
وكان الجمَّاز واسمه محمد بن عمرو صاحباً لأبي نواس حتى فرَّق بينهما الدهر، وقيل له: صف لنا أبا نواس، فقال: كان أظرف الناس منطقاً وأغزرهم أدباً وأقدرهم على كلامٍ وأسرعهم جواباً، وأكثرهم حياءً، وكان أبيض اللون جميل الوجه مليح النغمة والإشارة، لا بالطويل ولا بالقصير، حسن العينين والضحك، فصيح اللسان، عذب الألفاظ حلو الشمائل كثير النوادر وأعلم الناس بكلام العرب راوية للأشعار علاَّمة بالأخبار.
قال ابن عائشة: مات رجل من أهل الشام فحضر الحجاج جنازته، وكان عظيم القدر فيهم فصلىّ عليه وجلس على قبره وقال: لينزل قبره بعض إخوانه؛ فنزل نفرٌ منهم فقال أحدهم وهو يسوِّي عليه: رحمك الله أبا فلان فلقد كنت، ما علمتُ، تجيد الغناء وتسرعُ ردَّ الكأس، ولقد وقعت بموضع سوء لا تخرج منه إلى يوم القيامة، قال: فما تمالك الحجاج أن ضحك، كان لا يضحك في جدٍّ ولا هزل، وقال للرجل: هذا موضعُ هذا، لا أُم لك، فقال: أصلح الله الأمير، فرسي حبيس في سبيل الله لو سمعه الأمير يتغنَّى:

نام کتاب : قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور نویسنده : الرقيق القيرواني    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست